وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم وفي باب (١)
أسماء الإيمان
_________
(١) قوله: وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية. الحرورية هم الخوارج واعلم أن الناس تنازعوا قديمًا في الأسماء والأحكام، أي أسماء الدين مثل: مؤمن ومسلم وكافر وفاسق، وفي أحكام هؤلاء في الدنيا والآخرة فالمعتزلة وافقوا الخوارج على حكمهم في الآخرة دون الدنيا، فلم يستحلوا من دماء الفساق الموحدين وأموالهم ما استحلته الخوارج من الفاسق المِلليِّ مرتكب الكبائر لأن الخوارج يرون ذلك كفرًا، وإنما وافقوهم على حكمهم في الآخرة وهو الخلود في النار، وأما في الدنيا فخالفوهم في الاسم، فقالوا: مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل الكفر، فهو بمنزلة بين المنزلتين وهذا أصل من أُصول المعتزلة. وهو خاصة مذهبهم الباطل. وأما مذهب المرجئة فقد تقدم أنهم قالوا: لا يضر مع الإيمان معصية ومذهب أهل الحق خلاف هذين المذهبين، فلا يقولون بقول الخوارج والمعتزلة ويخلدون عصاه الموحدين بالنار، ولا يقولون بقول المرجئة: إن المعصية لا تضرهم، بل العبد الموحد مأمور بالطاعات منهي عن المعاصي والمخالفات، فيثاب على طاعته ويعاقب على معصيته إن لم يعف الله عنه، والبحث طويل لا تتسع له مثل هذه الحواشي، وإنما قصدنا بذلك تنبيه الطالب إلى مآخذ هذه المسائل. أما عطف الجهمية على المرجئة كما في نسختنا فليس للمغايرة، فإن المرجئة جهمية أيضًا، فالجهم هو الذي ابتدع التعطيل والتجهم والإرجاء والجبر، قال في النونية:
جيم وجيم ثم جيم معهما ... مقرونة مع أحرف بوزان
فإذا رأيت النور فيه يقارن الـ ... جيمات بالتثليث شر قران
دلت على أن النحوس جميعها ... سم الذي قد فاز بالخذلان
جبر وإرجاء وجيم تجهم ... فتأمل المجموع في الميزان
فاحكم بطالعها لمن حصلت له ... بخلاصة من ربقة الإيمان
والجهم أصلها جميعًا فاغتدت ... مقسومة في الناس بالميزان
لكن نجا أهل الحديث المحض أتـ ... ـباع الرسول وتابعوا القرآن
عرفوا الذي قد قال مع علم بما ... قال الرسول فهم أُولو العرفان
1 / 15