وبادر الْأَمر مَا أَصبَحت فِي مهل ... من المشيب وَمن مداك فِي فسح
فَرُبمَا سكنت فِي الْحَال عَاصِفَة ... وَعَاد غور مياه الْقَوْم للنضح
وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء الأمل كالسراب غر من رَآهُ وَخيَّب من رجاه
وخطب عمر بن عبد الْعَزِيز يَوْمًا فَقَالَ أَلا إِن لكل سفر زادا فتزودوا التَّقْوَى لسفركم من الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة وَكُونُوا كمن عاين مَا أعد الله من ثَوَابه وعقابه وَلَا يطولن عَلَيْكُم الأمد فتقسو قُلُوبكُمْ وتنقادوا لعدوكم وَإنَّهُ وَالله مَا بسط الأمل من لَا يدْرِي لَعَلَّه لَا يصبح بعد مسائه وَلَا يُمْسِي بعد صباحه
وَبَين ذَلِك خطفات المنايا وهجمات الْمنون وَإِنَّمَا تقرعين من وثق بالنجاة من عَذَاب الله تَعَالَى وَإِنَّمَا يفرح من أَمن من أهوال يَوْم الْقِيَامَة
وَأما من لَا يداوي جرحا إِلَّا أَصَابَهُ جارح من نَاحيَة أُخْرَى فَكيف يفرح أعوذ بِاللَّه أَن آمركُم بِمَا أنهى عَنهُ نَفسِي فتخسر صفقتي وَتظهر غباوتي إِنَّكُم قد عنيت بِأَمْر لَو عيت بِهِ النُّجُوم لَا نكدرت أَو الْجبَال لذابت أَو الأَرْض لتشققت
أما تعلمُونَ أَن لَيْسَ بَين الْجنَّة وَالنَّار منزل وأنكم صائرون إِلَى أَحدهمَا
وروى عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ بَيْنَمَا نَحن نصلح خصا لنا إِذْ مر بِنَا رَسُول الله ﷺ فَقَالَ مَا هَذَا فَقُلْنَا يَا رَسُول الله قد وهى فَنحْن نصلحه فَقَالَ مَا أرى الْأَمر إِلَّا أعجل من ذَلِك ذكره التِّرْمِذِيّ
والخص بَيت من قصب يُرِيد ﵇ تَعْجِيل الْأَمر وتقريبه وَخَوف بغتته والحذر من فجأته
وَقيل لِلْحسنِ الْبَصْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى يَا أَبَا سعيد أَلا تغسل قَمِيصك فَقَالَ الْأَمر أعجل من ذَلِك وَكَانَ الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قصير الأمل طَوِيل
1 / 66