ويمكن أن يقع انحلال الدولة على وجهين:
أولا: عندما ينقطع الأمير عن إدارة الدولة وفق القوانين ويغتصب السلطة ذات السيادة، وهنالك يقع تغيير عجيب، وذلك أن الدولة، لا الحكومة، تتقلص، وبهذا أعني أن الدولة الكبيرة تنحل وتتألف منها دولة أخرى مركبة من أعضاء الحكومة فقط تكون تجاه بقية الشعب سيدته وطاغيته، حتى إذا ما اغتصبت الحكومة السيادة نقض الميثاق الاجتماعي وحمل المواطنون، العائدون إلى حريتهم الطبيعية عن حق، على الطاعة من غير ارتباط.
ويقع ذات الحال أيضا عندما يغتصب أعضاء الحكومة على انفراد ما لا ينبغي لهم أن يمارسوه من سلطان إلا كهيئة، وهذا ما ينطوي على نقض للقوانين، ويؤدي إلى أعظم فساد، وهنالك يوجد، كما أقول، من الأمراء بمقدار الحكام، فتهلك، أو تغير شكلها، الدولة التي هي ليست أقل من الحكومة انقساما.
ومتى انحلت الدولة اتخذ سوء استعمال الحكومة، مهما كان أمره، اسم الفوضى الشائع، فتنحط الديمقراطية، عن تمييز، إلى حكومة عوام والأرستقراطية إلى حكومة أعيان، وإلى هذا أضيف انحطاط الملكية إلى طغيان، بيد أن هذه الكلمة الأخيرة مبهمة، وتحتاج إلى إيضاح.
إن الطاغية، في الاصطلاح العامي، ملك يملك بعنف ومن غير مراعاة للعدل والقوانين، والطاغية، في المعنى الدقيق، فرد ينتحل السلطان الملكي من غير أن يكون له حق في ذلك، وكان الأغارقة يطلقون كلمة الطاغية، بلا تفريق، على الصلاح والطلاح من الأمراء الذين لم يكن سلطانهم شرعيا،
2
وهكذا فإن الطاغية والغاصب كلمتان مترادفتان تماما.
وإذا ما جاز لي إطلاق أسماء مختلفة على أشياء مختلفة دعوت غاصب السلطان الملكي طاغية ودعوت غاصب السلطة ذات السيادة مستبدا، والطاغية هو الذي يتدخل ضد القوانين في الحكم وفق القوانين، والمستبد هو الذي يضع نفسه فوق القوانين نفسها، وهكذا قد لا يكون الطاغية مستبدا، ولكن المستبد طاغية على الدوام.
الفصل الحادي عشر
موت الهيئة السياسية
Неизвестная страница