وإذا ما تشاور الشعب الخبير بما فيه الكفاية، ولم يكن بين المواطنين أي اتصال، فإن العدد الكبير والاختلافات الصغيرة يسفران عن الإرادة العامة دائما، ويكون القرار صالحا دائما، ولكن العصبات إذا ما قامت وتألفت جمعيات جريئة على حساب الجمعية الكبرى فإن كل واحدة من هذه الجمعيات تصبح عامة بالنسبة إلى أعضائها، وذلك على حين تبقى خاصة بالنسبة إلى الدولة، وهنالك يمكن أن يقال إنه عاد لا يكون مصوتين بمقدار الناس، وإنما يقال، فقط، وجود كذا جمعيات، وتصير الاختلافات أقل عددا وتعطي نتيجة أقل عمومية، ثم إذا كانت إحدى هذه الجمعيات من العظم ما تغلب معه جميع الأخرى عاد حاصل الفروق الصغيرة لا يكون عندكم نتيجة، بل صار عندكم اختلاف وحيد، وهنالك لا تبقى إرادة عامة، ولا يكون الرأي الغالب غير رأي خاص.
ومن المهم، إذن، ألا تكون في الدولة جمعية جزئية عند قدرة الإرادة العامة على التعبير عن نفسها، وأن يعطي كل مواطن رأيه كما يرى،
2
وهذا هو النظام الوحيد الرفيع الذي وضعه ليكورغ، ولكنه إذا وجدت جمعيات جزئية وجب تكثير عددها وأن يحال دون تفاوتها كما صنع سولون ونوما وسرفوس، فهذه الاحتياطات هي التي تصلح وحدها لجعل الإرادة العامة منورة دائما، ولعدم ضلال الشعب مطلقا.
الفصل الرابع
حدود السلطة ذات السيادة
إذا كانت الدولة أو المدينة لا تعد غير شخص معنوي تقوم حياته على اتحاد أعضائه، وإذا كانت سلامتها الخاصة أهم ما تعنى به، وجب أن تكون لها قوة عامة قاهرة لتحريك وإعداد كل قسم على أكثر الوجوه ملاءمة للجميع، وكما أن الطبيعة تمنح كل إنسان سلطة مطلقة على جميع أعضائه، يمنح الميثاق الاجتماعي الهيئة السياسية سلطانا مطلقا على جميع أعضائها أيضا، وهذه السلطة نفسها، وهي التي توجهها الإرادة العامة، تحمل اسم السيادة كما قلت.
ولكننا إذا عدونا الشخص العام، وجب علينا أن ننظر إلى الأشخاص الخاصين الذين يتألف منهم والذين يستقلون عنه حياة وحرية بحكم الطبيعة، وعلينا، إذن، أن نميز جيدا حقوق المواطنين والسيد
1
المتقابلة، وأن نميز الواجبات التي يجب على المواطنين أن يقوموا بها كرعايا، من الحقوق الطبيعية التي يجب أن يتمتعوا بها كأناس.
Неизвестная страница