أوفى الشعراء الشبان نصيبا من تقدير النقاد الجديين.
أما ماسفيلد فهو مؤمن بالله يتجاوب شعره في الأزمات العالمية بما يشبه الصلاة، وفي إحدى قصائده (عونا للإنسان) يناجي الأمل الذي يتطلع إليه ابن آدم كما يتطلع إلى فلق الصبح لا إلى نجم عابر، أو كما ينظر إلى نهار صاح يعيش فيه لا كما ينظر إلى علامة متنقلة، ويقول إن كل مخلوق آدمي يولد هو روح يلبس الجسد في حجته بين ظلماتنا، ويقبل من الغيب مزودا بالجمال والحكمة والفرح، فيجمع بيننا الحزن والحماقة والشطط، فإن لم يقض بعد ذلك قتيلا مات وهو مجلل بأخطاء الزمان.
ثم يتساءل: «أما كان الأحرى بكل مولد أن نستقبله كأنه طالع إلهي يؤم بالناس قبلة الإخاء الذي هم في حاجة إليه؟ أما كان الأحرى به أن يكون دعوة لقادم جديد يقبل إليهم بعد عناء؟ أليس هذا التقديس للحياة جديرا أن يمهد لعيش أكرم وأسلم، وأن يكون من إيمانه أنه عالم يعمه الإخاء، ومن خيره أنه جنة على الأرض، ومن رجائه أنه صدى للغناء - هناك!»
وهو يومئ «بهناك» إلى عالم لا يسميه ولا يشير إلى مكانه، ولكنه هناك ... مأنوس محسوس.
أما إليوت فقد مضى عليه سنوات وهو يطرق بابا من أبواب المجهول ثم يوصده أو يولي عنه إلى غيره، أو هو يشك لسبب ثم يشك لسبب آخر ثم يوازن بين الأسباب، حتى انتهى به المطاف إلى التمذهب بمذهب الكنيسة الكاثوليكية الإنجليزية، إيثارا للاعتقاد في الجماعة، وإيمانا بواجب كل فرد أن يتصل ولا ينفصل في مسائل الديانة حيثما استطاع.
وأما ديلان توماس فقد ظهر ديوانه الأخير قبل نهاية السنة الماضية (1952) وقال عن سبب جمعه من كلمة موجزة في تصديره:
قرأت مرة عن راعي غنم سئل: لماذا صنع من تمائم السحر تعويذة إلى القمر عسى أن يحرس له قطيعه؟ فقال: لو لم أفعل لحقت علي لعنة الحماقة.
وهذه القصائد بكل ما فيها من الخشونة والشك والخلط قد نظمت في حب الإنسان والثناء على الله، ولو لم أنظمها لحقت علي لعنة الحماقة!
وفي هذا السطر الأخير من التصدير كل ما استطاعه الشاعر من البيان: هكذا وإلا فهو أحمق (damn fool) .
ويخرج القارئ من الديوان كله على إيمان بالله غير محدود، أو هو إيمان حدوده أن الله عنوان لخير ما يرجى في الحياة الإنسانية، وماذا بعد الحياة الإنسانية؟ حب لا يحاسب ولا يدين (Unjudging love) . وذلك غاية ما يقال - في شعر الديوان - عما بعد الموت من حياة.
Неизвестная страница