ولا يقف بلانك وهيزنبرج دون هذا الشوط في الإثبات الموجب، ولكنهم يقنعون بفتح أبواب الإلهام الديني على أوسعها من قبل التفكير. •••
ولم تستوعب هذه النظرات مواقف العلماء جميعا من العقيدة والإيمان. ففي العلماء كثيرون لا يذهبون إلى هذا المدى ولكنهم لا يقفون موقف العداء أو قلة الاكتراث لما يحاوله زملاؤهم في هذا المجال. ومنهم من يود لو يعتقد ولكنه لم يجد عقيدته، ومنهم من يعتقد ولكنه حين يسأل عن معتقده لا يتضح من كلامه معتقد محدود.
يمثل هؤلاء العلماء اثنان يختص كل منهما بشعبة من البحث العلمي كادت أن تكون من خصائص القرن العشرين: أحدهما مالنوسكي البولوني (1884-1942). أشهر الباحثين في الأجناس البشرية، والآخر ألبرت أينشتين العالم الألماني الإسرائيلي صاحب مذهب النسبية المشهور.
فالعالم البولوني يقول حين سئل عن عقيدته:
1
أما عني أنا فإنني لا أدري. ليس في وسعي أن أنفي وجود الله، ولست أميل إلى نفيه، فضلا عن القول بأن الإيمان بالله غير لازم.
كذلك أتمنى لو يكون هناك بقاء بعد الموت وأود لو أنتهي إلى يقين في هذا الأمر. ولكنني على كل أتمنى وأود، لا أجدني قادرا على قبول عقيدة موجبة في العناية الإلهية سواء مسيحية أو غير مسيحية ...
ثم قال بعد استطراد: «ترى هل للعلم دخل في هذه اللاأدرية وفيما يشبهها عند أمثالي؟ أظن ذلك، ولهذا لا أحب العلم وإن لم يكن لي بد من الولاء في خدمته.»
أما إينشتين فهو يحسب أن الإيمان بالله على أنه «ذات» هو بقية من تشبيهات الأديان الأولى. ولكنه يؤمن بعالم غير عالم الشهادة ويقول: «إن الإنسان الذي لم يختبر وقفة من وقفات الصوفية حيال ذلك العالم ولم يشعر نحوه بالروعة؛ هو حي حكمه حكم الميت. ولب الديانة عنده أن يعلم أن الذي لا ننفذ إليه بمداركنا هو موجود حقا متجل حقا. يطالعنا بالحكمة العليا والجمال الرائع ولا تحيط عقولنا الكليلة منه إلا بأشكال بدائية كالظلال.»
وقد شرح إينشتين عقيدته في كتاب الدنيا كما أراها (The World as I see)
Неизвестная страница