إن كان هذا مرادنا فليس بالعجيب ألا نجاب إليه ...
محصل وتمهيد
محصل الفصول المتقدمة أن أسباب الإنكار في القرون الماضية فقدت قوتها في القرن العشرين.
وأسباب الإنكار الكبرى منذ القرن السادس عشر أو السابع عشر هي مسألة دوران الأرض، ومسألة القوانين المادية، ومسألة التطور، ومسألة الأديان المقارنة، ومسألة الشر وعلاقتها بالقدرة الإلهية.
فهذه المسائل كانت في نشأتها حجة على بطلان العقائد التي واجهتها.
ولكنها قد صارت في القرن العشرين إلى موقف غير موقفها في القرون الماضية، فليس الإنكار الذي يقوم عليها اليوم حاسم الحجة ولا موصدا لأبواب المناقشة والسؤال.
بل تنقلت هذه الأسباب بين مباحث العلم والعقل حتى صلحت للشك في الإنكار، بعد أن كانت فيما غبر مصوبة كل قوتها إلى الشك في الإيمان.
من دلائل التدبير الإلهي اليوم أن الأرض سيارة حول الشمس، وليست مركزا تدور حوله السيارات والشموس.
ومن القول الجزاف اليوم أن يقال إن محسوسات المادة هي وحدها الوجود الحقيقي وأن المتكلمين عن أصول المادة يأتون بشيء أثبت من الكلام عن الأرواح والمجردات.
ويعود النشوئيون اليوم فلا يجدون في مذهب النشوء ما يعطل الإيمان، ولا ينسون أن المذهب كله ينسب إلى عالم مؤمن وعالم آخر يرفض الاعتماد على المصادفة؛ التي لا تعقل في تفسير ظواهر الكون والحياة.
Неизвестная страница