49

ويجيب مارتن بقوله: «إن قساوستي يا سيدي، اتهموني بأنني سوسنياني، ولكنني مانوي

1

في الحقيقة.»

ويقول كنديد: «أنت تهزأ بي، عاد لا يوجد مانوي في العالم.»

ويقول مارتن : «أنا مانوي، ولا أدري ما عملي في ذلك، ولكن لا أستطيع أن أفكر على وجه آخر.»

ويقول كنديد: «لا بد من وجود الشيطان في بدنك.»

ويقول مارتن: «بلغ الشيطان من شدة التدخل في شئون هذا العالم، ما يمكن أن يوجد معه في جسمي، كما يوجد في أي مكان آخر، ولكنني أعترف لك بأنني - إذ ألقي نظرة على هذه الكرة أو الكرية - أرى الرب قد تركها لبعض الموجودات الشريرة، وأستثني إلدورادو من ذلك دائما، فلم أر قط مدينة لم ترغب في خراب المدينة المجاورة لها، ولم أر قط أسرة لا تريد استئصال أسر أخرى، وفي كل مكان يلعن الضعفاء الأقوياء الذين يزحفون أمامهم، ويعاملهم الأقوياء كقطاع يباع صوفها ولحمها، وتجد مليون قاتل مدرب يجوب طرفي أوروبا ويمارس القتل وقطع الطرق بنظام كسبا لعيشه؛ وذلك لأنه لم ير حرفة أصلح من هذه، ويفترس الناس في المدن التي يلوح تمتعها بالسلم، والتي تزدهر فيها العلوم، حسد وهموم وقلق أشد من البلايا التي تعانيها مدينة محاصرة، ثم إن الكروب الخفية أقسى من المصائب الظاهرة، والخلاصة أنني أبصرت وبلوت الكثير من ذلك حتى صرت مانويا.»

ويجيب كنديد: «ومع ذلك يوجد ما هو صالح»، ويقول مارتن: «قد يوجد ذلك، ولكنني لا أعرفه.»

ويسمع في أثناء هذا الحوار قصف مدفع، ويتضاعف القصف بين حين وآخر، وكل يتناول منظاره، فيرى على مسافة نحو ثلاثة أميال اقتتال مركبين، وتأتي بهما الريح إلى قرب السفينة الفرنسية بما يسهل أن يتمتع معه برؤية القتال، وأخيرا أطلق أحد المركبين على الآخر قذيفة، بلغت من إصابة الأسفل ما غرق بها إلى القعر، وقد استطاع كنديد ومارتن أن يميزا مائة رجل على سطح المركب الذي يغوص، وكان جميع هؤلاء يرفعون أيديهم إلى السماء، وتخرج منهم صيحات هائلة، ولم تمض دقيقة حتى ابتلعهم اليم جميعا.

قال مارتن: «حسنا! هذا هو الأسلوب الذي يعامل الناس به بعضهم بعضا.»

Неизвестная страница