قبل أن تنهار عمارة بيومي
كاتب بلاد الغنى والضياع
حوار مع زوج مارلين مونرو
عن كامل الشناوي
عن عمد ... اسمع تسمع
عن عمد ... اسمع تسمع
تأليف
يوسف إدريس
من طفل في الخمسين
عمري ما احتفلت أو حفلت بعيد ميلادي. كنت أعرف وقته دائما، 19 مايو، ولكني في أحيان كثيرة، ومن فرط عدم اهتمامي؛ كنت في أحيان أنساه تماما ولا أتذكره إلا على كلمة تهنئة من صديق، أو بوكيه ورد من صديقة. وكنت كثيرا ما أتشاجر مع صديقي الكبير فنان الحياة الأعظم كامل الشناوي على ذلك الاكتئاب والتشاؤم الغريب الذي يقابل به يوم ميلاده حين يقترب. وحين «فعلها» مرة وكتب في حالة كتلك قصيدته المشهورة «جئت يا يوم مولدي ... جئت أيها الشقي» إلى أن يقول «ليتك يوما بلا غد»، أي ليت الحياة تنتهي بك ولا تبدأ؛ تشاجرت معه، لا لما حفلت به القصيدة من تشاؤم مهول، ولا لأنه زاد الطين بلة فأعطاها للمطرب العاطفي الكبير الحافل صوته بالحزن، وكأنه يحيل الموسيقى والكلمات ليس إلى شعر مهموس ولكن إلى خيط دمع طويل مدرار. لم أتخانق مع كامل الشناوي لهذا، وإنما كنت أتخانق معه لاهتمامه هذا الاهتمام الكبير بيوم ميلاده، حتى لو كان ذلك الاهتمام الحزين المتشائم الموتور، بل أخانق فيه هذا التناقض الغريب، ذلك الرجل الذي يعشق الحياة إلى حد الوله والعبادة حتى ليضن على نفسه أن ينام وينقص كوبه الليلي الذي يتجرعه بمتعة زائدة قطرة. ذلك الموله بالحياة، كيف يلعن اليوم الذي أصبح فيه ذلك الكائن الحي؟! اليوم الذي وجد فيه على ظهر أرض كان يرتعب رعبا دونه رعب الأطفال من مغادرتها؟!
Неизвестная страница