فنصبح كقطرات الماء يتكون منها تيار الجماعة.
اللهم مكنا الآن من أن نجري معا
مسرعين كسيارتك الرخيصة اللامعة.
وأنشدوا اثنتي عشرة فقرة في شغف شديد، ثم دارت عليهم كأس الحب مرة أخرى، فتناولوها مرددين الآن هذه العبارة: «إني أشرب نخب الكائن العظيم.» وشربوا جميعا، وأخذت الموسيقى تصدح بغير انقطاع، ودقت الطبول، وعلت النغمات وتضاربت واشتد تأثيرها في العواطف حتى أشبعتها، وأخذوا يترنمون بنشيد الجماعة الثاني قائلين:
هيا، أيها الكائن الأكبر، يا صديق الجماعة،
يا من فنينا فيك وحدك نحن الاثني عشر.
إننا نشتهي الموت ؛ لأن حياتنا الكبرى
لا تبدأ إلا بعد الممات.
وأنشدوا اثنتي عشرة فقرة أخرى، وبعدئذ أخذت السوما تفعل فعلها، فأبرقت العيون، وتوردت الخدود، وأشرقت الوجوه ببسمات السعادة والود، وقد بعثها ضياء الخير العام، حتى إن برنارد نفسه أحس بشيء من النشوة، فلما التفتت إليه مرجانة رستشيلد وأشرقت عليه، سعى جهده أن يبادلها الإشراق - ولكن حاجبها - ذلك الحاجب المزدوج - كان للأسف ما يزال ملحوظا لا يستطيع تجاهله مهما حاول ذلك، ولم تبلغ النشوة به حدا كبيرا، وربما لو كان جالسا بين فيفي وجوانا ... وللمرة الثالثة دارت كأس الحب، وقالت مرجانة رستشيلد: «إني أشرب نخب قرب مجيئه.» وقد جاء دورها أن تكون هي من بين أعضاء الدائرة جميعا هي البادئة بالشعائر، وكان صوتها مرتفعا متهللا، وشربت وسلمت الكأس لبرنارد فكرر بعدها هذه العبارة: «إني أشرب نخب قرب مجيئه.» وقد حاول مخلصا أن يحس بقرب المجيء، غير أن الحاجب ما عتم متسلطا على ذهنه، و«المجيء» بالنسبة إليه جد بعيد، وشرب وناول الكأس كلارا دتردنج، وقال محدثا نفسه: «إني واثق من فشلي مرة أخرى.» ولكنه ما برح يبذل جهده كي يبدو مشرق الجبين.
ودارت كأس الحب دورة كاملة، فأشار الرئيس للجمع رافعا يده، فصاحت الجوقة فجأة مترنمة بنشيد الجماعة الثالث:
Неизвестная страница