ثم أعاد قنينة السوما إلى جيبه، وأخرج صندوقا صغيرا من لبان الهرمونات الجنسية، وملأ أحد شدقيه بقطعة منه، وسار متباطئا نحو حظيرة الطائرات، وهو يمضغ اللبان.
وكانت طائرة هنري فستر قد أخرجت على عجلاتها من مخبئها، وكان وقتما وصلت ليننا معتليا مكان السائق منتظرا.
ولما اتخذت مكانها إلى جانبه لم يزد على قوله: «لقد تأخرت أربع دقائق ...» ثم سير الآلات وأعد طائرته للتحليق، فاندفعت الآلة رأسا في الفضاء، وزاد هنري من سرعتها، وتحول طنين المحرك من صوت الدبور الكبير إلى صوت الدبور الصغير ثم إلى صوت الناموسة، وأظهر مقياس السرعة أنهما كانا يرتفعان ما ينيف عن الكيلومترين في الدقيقة، وتضاءلت لندن تحت بصريهما، وأصبحت المباني ذات السطوح المستوية - بعد بضع ثوان - كحوض من نبات الفطر هندسي الشكل، ينبت وسط خضرة البساتين والحدائق. ووسط تلك المباني كان برج شارنج - ت، وهو كساق نبات الفطر الدقيق، غير أنه أطول منها وأرق - يرفع صوب السماء قرصا من الخرسانة اللامعة.
وانطلقت في السماء الزرقاء، فوق رءوسهم كسف من السحاب كاللحم المترهل، وهي أشبه ما تكون بجذوع الرياضيين الخياليين، ذات الأشكال الغامضة.
قال هنري: «ذلك هو الصاروخ الأحمر، قدم الآن من نيويورك.» ونظر إلى ساعته، وهز رأسه قائلا: «لقد تأخر سبع دقائق، هذه الطائرات التي تعبر الاطلانطيق تخلف مواعيدها بدرجة مشينة.»
ورفع قدمه عن محرك السرعة، فهبط دوي اللوالب فوق رأسه ثماني درجات صوتية ونصف، فسمع مرة أخرى صوتا كصوت الدبور الصغير، فالدبور الكبير، فالنملة، فالخنفساء. وهبطت سرعة الاندفاع إلى أعلى، وبعد لحظة كانا معلقين في الفضاء بلا حراك، ودفع هنري أحد الروافع، فسمعت طقطقة، وبدأ المحرك يدور أمام أعينهما، في حركة بطيئة أول الأمر، ثم أخذ يسرع شيئا فشيئا، حتى أصبح كالضباب المستدير، وأخذت الريح تهب من سرعة الانطلاق الأفقي، وتصفر في الحواجز ويعلو صفيرها شيئا فشيئا، وثبت هنري نظره في عداد الدورات، فلما مست الإبرة العلامة التي تدل على 1200 أوقف لوالب الطائرة، ولكن الآلة تحتفظ بقوة اندفاع تكفي طيرانها بغير محرك.
ونظرت ليننا إلى أسفل خلال النافذة السفلية بين قدميها، فعرفت أنهما كانا يطيران فوق منطقة الستة كيلومترات من الحدائق، التي تفصل وسط لندن عن الحلقة الأولى من ضواحيها التابعة لها، وقد بدت الأحياء فوق الخضرة كالديدان لبعدها عن النظر، وكانت العمدان المتكاثفة للعبة التنس الجديدة تتألق بين الأشجار، وعند شجيرة الراعي كان ألفا شخص من طراز «−ب»، يختلطون أزواجا أزواجا، ويلعبون تنس ريمان ، واصطف في الطريق الرئيسي من نتنج هل إلى ولزدن، صف مزدوج من نوع خاص من الدرج المتحرك، وفي ملعب إيلنج عرض لألعاب جماعة من طراز «د» وغناء جمعي.
وقالت ليننا: «ما أقبح اللون الكاكي.» مرددة ما أوحي إلى أبناء طبقتها بطريقة التعلم أثناء النوم.
وكانت مباني مسرح هاوتسلو للصور المحسة تغطي سبعة هكتارات ونصف،
1
Неизвестная страница