فأمسك بها الهمجي من معصمها، ونزع يديها من فوق كتفيه، ودفعها بغلظة على بعد ذراع منه.
فتأوهت قائلة: «إنك تؤذينني، إنك ...» وصمت فجأة، لقد أنساها الفزع الألم، وفتحت عينيها وشاهدت وجهه، كلا إنه ليس وجهه، إنما هو وجه رجل غريب متوحش، شاحب اللون، متغضن ملتو من شدة الغضب الجنوني، الذي لم تدرك له سببا، فذهلت وهمست قائلة: «ما بك يا جون؟» فلم يحر جوابا، ولكنه اكتفى بالتحديق في وجهها بتلكما العينين المجنونتين، وارتجفت تلكما اليدان اللتان كانتا تقبضان على معصميها ، وتنفس أنفاسا عميقة بغير انتظام، وسمعت أسنانه بغتة وهي تصطك اصطكاكا خفيفا، لا يكاد يحس ولكنه مفزع مريع، وكادت تصيح قائلة: «ما بك؟»
وكأنها أيقظته بصياحها، فأمسك بها من كتفيها وهزها، وصاح قائلا: «عاهرة! عاهرة! مومس وقحة!»
واحتجت عليه بصوت يرتعد ارتعادا شديدا من أثر هزته، قالت: «لا تفعل، لا تفعل!» - «عاهرة!» - «أرجوك!» - «عاهرة لعينة!»
وبدأت تقول: «إن جراما من السوما خير من ...»
ودفعها الهمجي إلى الوراء بقوة، فترنحت ثم سقطت، فصاح وقد وقف تجاهها يهددها: «اذهبي، واغربي عن نظري وإلا قتلتك» وقبض يديه.
ورفعت ليننا ذراعها كي تخفي وجهها، وقالت: «كلا، أرجوك ألا تفعل، يا جون ...» - «هيا أسرعي.»
ووثبت على قدميها رافعة إحدى ذراعيها، ومتتبعة كل حركة من حركاته بعين مفزعة، وما فتئت تحبو على الأرض وتخفي رأسها، ثم انطلقت إلى الحمام.
وصفعها صفعة قوية أحدثت صوتا كطلق المسدس، فأسرعت في ارتحالها.
وقفزت ليننا إلى الأمام وهي تتأوه.
Неизвестная страница