عالم الإسكندر الأكبر
عالم الإسكندر الأكبر
تأليف
كارول جي توماس
ترجمة
خالد غريب علي
تمهيد
ينجذب المعلمون والكتاب المعنيون بتاريخ منطقة البحر المتوسط القديم إلى موضوع الإسكندر الثالث المقدوني؛ إن لم يكن بإرادتهم، فبفعل اهتمامات تلاميذهم وقرائهم؛ فرغبة الناس عارمة في معرفة كل ما تسعهم معرفته عن هذا الرجل الذي غير مسار التاريخ في عمره القصير. وقد احتل الإسكندر مكانة بارزة في المقررات التي درستها، وأعترف أنني وضعت مؤلفين صغيرين يتناولان جوانب معينة من سيرته، غير أنني لا أنتمي إلى كادر المتخصصين في الإسكندر الأكبر، ولم تكن نيتي وضع مؤلف يتناول سيرته وطبيعته. أعني أن هذا لم يكن حتى مجرد خطة دفينة، حتى لعبت الصدفة السعيدة دورها.
فمنذ بضع سنين تعرفت على آل برتراند - الذي يشغل الآن منصب محرر التكليف في دار نشر بلاكويل ببلشنج - في إطار تقييم عدد من المقترحات تمهيدا لنشرها المحتمل، وكان بعضها يتناول مسائل مقدونية؛ مما أثار في النهاية سؤالا طرحه آل علي: أيمكنني التفكير في نهج جديد لوضع سيرة للإسكندر تضم إلى سلسلة سير بلاكويل؟ كان سؤاله يلتمس اقتراحات لا مؤلفين. أحد التوجهات المغرية أن تتناول سيرة الإسكندر من المنظور الفارسي، لكننا لم نمض في هذا الطريق لأن المصادر اللازمة لهذا النهج أقل حتى من المصادر الإغريقية والرومانية التي تتناول الإسكندر.
بعد استنفاد كل الاحتمالات التقليدية، ذكرت اتجاها أتبعه دوما في مجالي البحثي، وهو اليونان فيما قبل التاريخ وفي فجر التاريخ؛ إذ تستلزم طبيعة الشواهد فهم السياق الأكبر. فهل من شأن تناول العالم الذي ولد فيه الإسكندر وترعرع أن يقدم لمحة عن طبيعة هذا الشخص ذاته؟ سبق أن اتبعت هذا المسار في حلقاتي الدراسية المعنونة «فتوحات الإسكندر: لماذا؟» التي كان الطلاب يستقصون فيها مجموعة منوعة من «تفسيرات» نجاح الإسكندر، كهويته المقدونية، وطبيعة مقدونيا ذاتها، وانتمائه إلى السلالة الملكية، وبنوته لفيليب وأوليمبياس، وعلاقاته مع الشعوب المجاورة، وحالة الإمبراطورية الفارسية أثناء حياته. فطرحت على آل إمكانية أن يوظف أحد المؤلفين هذا النهج لوضع سيرة من إصدار بلاكويل.
Неизвестная страница