وكان الفتى في حقيقة الأمر ينكر نفسه أشد الإنكار، ويضيق بما حوله كل الضيق بعد تلك الليلة الطويلة الثقيلة التي أنفقها وحيدا محزونا يفكر في تلك الدماء التي كانت تجري قريبا من داره كأنها السيل، وفي تلك الأشلاء التي كانت منتثرة من حول داره آخر النهار، وفي تلك الأصوات التي كانت ترتفع بالصلاة والدعاء قوية رائعة مبتهجة بالموت، حتى يسعى الموت إلى أصحابها فيخرون صرعى، وتستحيل تلك الأصوات القوية الرائعة المبتهجة إلى حشرجة فظيعة مروعة. ويرى تلك الوجوه التي كانت تستقبل الموت وعليها ابتسامة حلوة فيها جلد وثقة، وفيها يقين وأمن وفيها أمل وإيمان، فما تزال هذه الوجوه تدنو من الموت باسمة له، وما يزال الموت يدنو منها عابسا لها، حتى يكون اللقاء المنكر الشنيع، فإذا عبوس الموت قد استحال إلى ابتسام حين مس هذه الوجوه الباسمة. وكانت المدينة قد شهدت يوما من أعظم أيامها شرا وأشد أيامها نكرا: يوما من أيام الاضطهاد، جمع فيه النصارى من كل وجه وأخذوا من كل مكان، فيهم الرجال والنساء، وفيهم الشباب والشيب، وكلهم من ضعفاء الناس وذوي المنازل الخاملة فيهم: أخذوا من الدور حيث كانوا آمنين، وأخذوا من الحقول حيث كانوا يعملون، وأخذوا من البيع التي أقاموها في الأنفاق حيث كانوا يجتمعون للصلاة والدعاء. فلما حشد منهم المئات امتحنوا في دينهم امتحانا يسيرا قصيرا، فلم يكن منهم من أجاب إلى وثنية الإمبراطورية الرومانية، ولم يكن منهم من أظهر العبادة لقيصر أو الخضوع لدين روما. هناك أمر بهم الحاكم فقتلوا تقتيلا، ونكل بهم أشد التنكيل، وعبثت بهم السيوف والخناجر، ولعبت فيهم السهام والحراب، وأشراف المدينة المقيمون على دين الدولة، وعامة المدينة المتعصبون لدين الدولة ينظرون إلى ذلك فرحين به، مستمتعين بجماله البشع الفظيع. وكان «كيمون» بين الأشراف في الصف الأول من النظارة سمع ورأى، فأنكرت نفسه ما سمع وما رأى، ولكن صوته لم يستطع إلا أن يصيح صيحات الرضا، ولكن يديه لم يستطيعا إلا أن تصفقا تصفيق الإعجاب. حتى إذا انتهت المجزرة وتفرق الناس سكارى لكثرة ما رأوا وشموا من منظر الدم وريحه، عاد الفتى إلى قصره ذاهلا واجما كئيبا حزينا. ثم خلا إلى نفسه فقضى في غرفته بقية النهار وسواد الليل، ورأى في هذه العزلة الطويلة أهوالا وأوجالا لم يكن تعود أن يراها. وأنى له ذلك ولم يشهد قط ما شهد أمس من الاضطهاد! وأنى له ذلك ولم يشترك قط في حرب ولم ير قط نزالا ولا قتالا على أنه لم يستطع البقاء في غرفته بعد أن انصرف عنه الإماء، فخرج من داره لا يدري إلى أين يقصد، ولا يعرف إلى أين يريد. ومضى أمامه لا يلوي على شيء ولا ينظر إلى شيء، ولم ينتبه إلا وهو يستأذن على صديقه «نكياس».
فلما أذن له دخل على صاحبه، فلم ير في وجهه إشراقا ولا ابتساما، ولم يحس منه ابتهاجا ولا نشاطا، وإنما رأى وجها عابسا مظلما، وشخصا كئيبا فاترا! فابتدر صديقه قائلا: إن أمرك لعجيب! أفتراني قد حملت إليك حزني وبؤسي، ونقلت إليك كآبتي وشقائي؟! قال «نكياس»: أمحزون أنت؟ أما أنا فلم أذق النوم! قال «كيمون»: ولم أذقه أنا أيضا وكيف يذوق النوم من رأى مثل ما رأينا، أو سمع مثل ما سمعنا، أو شهد مثل ما شاهدنا من كيد الناس للناس، ومكر الناس بالناس وقسوة الناس على الناس! قال «نكياس»: هون عليك! لقد نام أهل المدينة ملء جفونهم آمنين مطمئنين. وما يمنعهم أن يناموا وأن يأمنوا وأن يطمئنوا وقد كانوا يخافون هؤلاء النصارى على أمن الدولة ودينها، وعلى نظام الدولة وسلطانها، فقد أراحتهم سيوف الجند ورماح الشرطة وسهام الرماة من هؤلاء النصارى، فأخلت منهم الدار وعفت منهم الآثار، وقدمتهم ضحايا دامية إلى «جوبيتير» إله روما العظيم! قال «كيمون»: إن عجبي من هؤلاء النصارى لا ينقضي! كلهم كان ضعيفا ذليلا، وكلهم كان فقيرا معدما، وكلهم كان بائسا محروما، وكلهم كان قد تعود الطاعة وألف الخضوع، فكيف قويت قلوبهم بعد ضعف، وكيف عزت نفوسهم بعد ذلة، وكيف اجترءوا على أن يعصوا سادتهم وقادتهم ويخالفوا عن أمر الحاكم والإمبراطور؟! ما هذا السحر الذي غيرهم هذا التغيير، وبدلهم هذا التبديل، ومنحهم هذه الشجاعة والعزة، وهذا الصبر والبأس. وكل هذه الخصال التي لم تكن تعرف إلا للأشراف؟! قال «نكياس»: وما يدهشك من هذا؟ إنما هو الإيمان خليق أن يحول الأشياء إلى أضدادها، والنفوس إلى نقيضها. أو تظن أن أمر هؤلاء الناس هو وحده الذي يثير هذا الدهش ويدعو إلى العجب! أليس كل شيء الآن يتغير ويتبدل؟! ألست تحس من حولك إنكارا لكل شيء، وضيقا بكل شيء وسخطا على كل شيء، واستعدادا لثورة عنيفة توشك أن تشب فتقلب الأشياء كلها رأسا على عقب؟! إنك تعجب من الناس، فماذا تقول إن أنبأتك بأني أعجب من الآلهة؟!
قال «كيمون»: وأنت أيضا تعجب من الآلهة؛ أفرأيت إذا ما رأيت، وسمعت إذا ما سمعت؟! لقد كنت أحسبه حلما من هذه الأحلام التي تروع الناس في النوم إذا روعتهم الحوادث وهم أيقاظ، وكنت أجادل نفسي في هذا الحلم المخيف، فما أذكر أني ذقت النوم منذ أمس.
قال «نكياس»: فاقصص علي ما رأيت أحدثك بحديثي وإنه لعجيب. قال «كيمون»: طال علي الليل؛ وثقل علي الهم، وضاقت بي الغرفة بما فيها من الجدران القائمة، والسقف المطبق، والباب المغلق، فخرجت كأنما كنت ألتمس في الحركة فرجا من خرج، وفي الفضاء الواسع فسحة من ضيق، وأشرفت أرفع طرفي إلى السماء كأنما كنت أسأل نجومها عن سر ما لا أفهم من أمر الحياة والأحياء، وأمد عيني إلى البحر كأنما كنت أدعوه ملحا عليه إلى أن يطغى بعض الشيء على المدينة، فيغسل ما علق بأرضها من دماء القتلى، ويحمل ما انتثر على أرضها من أشلائهم. وإني لفي ذلك حائر الطرف مفرق النفس، كاسف البال محزون الضمير، وإذا شيء يعرض لي لا أتبينه أول الأمر لأنه كان بعيدا عني، ولكنه يروعني وتقف عيني عليه، ويدنو مني شيئا فشيئا حتى أتبين - وما أعجب ما أتبين - جماعة من الفرسان كأجمل وأروع وأجهر ما رأيت، قد علوا صهوات جياد عربية، ما رأيت قط مثلها ولا سمعت قط عن مثلها إلا فيما أقرأ من شعر الشعراء ومن قصائد «بندار» حين كان يتغنى تلك الخيل التي كانت تسبق ألعاب أولمبيا. جياد مجنحة كانت تعبر إلى البحر بمن عليها من الفرسان! لا أدري أكانت تركض على الماء أم كانت تطير في الهواء. حتى إذا بلغ الجماعة شاطئ البحر وكادت حوافر جيادهم تطأ الأرض وقفوا. وقد تبينت أشخاصهم فإذا هم أربعة، فيهم رجلان وامرأتان. وما أقرب الشبه بين هؤلاء الأشخاص وبين هذه التماثيل التي نراها في المعابد ل «أبلون» و«أرتميس»، ول «أتنا» و«آريس»!
أكنت يقظان حين رأيت! أكنت يقظان حين سمعت! ولكن أشخاصهم ما زالت ماثلة أمام عيني، ولكن حديثهم ما زال مستقرا في صدري كأنما نقش على قلبي نقشا. سمعت أشبههم ب «أبلون» يقول: ما أبشع هذه المدينة التي نحبها ونصبو إليها! وما أقبح هذه الريح التي تصعد إلينا منها! قالت أشبه هؤلاء الأشخاص ب «أتنا»: لقد كنا نحب أن نلم بهذه المدينة فنطيل فيها المقام، وكنا نستعذب حديث أهلها ونستحب أخلاقهم، ونستلذ ما كانوا يقدمون إلينا من الضحايا والقرابين. قالت شبيهة أرتميس: وكم كنت أحب أن أتجول في غاباتها وأستمتع فيها بلذة الصيد! قال شبيه آريس: أما أنا فكانت تعجبني حصونها المحصنة، وقلاعها المؤشبة، وهذا الجيش الباسل المرابط فيها والمستعد في كل لحظة للدفاع والهجوم. قال شبيه أبلون: فقد آن لنا أن ننصرف عنها على ألا نرجع إليها، وأن نلقي عليها نظرة وداع لا لقاء بعده. قالت شبيهة أرتميس: لم أستطع بعد أن أفقه ما ألم بأهل هذه المدينة: أفتنة أتت على عقولهم فحالت بينها وبين الفهم والتفكير، أم قسوة غلبت على قلوبهم فحرمتها الحس والشعور؟ إنهم يظنون أنه الدين وما يدفعهم إليه من حبنا والتعصب لنا، وحماية معابدنا وأوثاننا وسلطاننا أن يطغى عليها هذا الدين الجديد الذي أقبل من الشرق، ولكنهم يكذبون، فما أكثر من وفد علينا من آلهة الشرق قديما! وما أكثر من يفد علينا منهم في هذه الأيام! وما أحسن ما تلقيناهم! وما أحسن ما نتلقاهم الآن! لم نضق بهم ولم يضق بهم الناس! فما ضيقهم بهذا الدين الجديد وبهذا الإله الشرقي الجديد؟!
قال شبيه أبلون: إنهم يخدعون أنفسهم ويريدون أن يخدعونا ولكنهم يعلمون، لو فكروا، أنهم لا يثورون لنا، ولا يغارون علينا، ولا يغضبون للدين؛ إنما يورون لقيصر، ويغارون على روما، ويغضبون للسياسة. ولولا أن قيصر قد أله نفسه وأخذ الناس بعبادته، ولولا أن روما قد ألهت نفسها وفرضت ما لم تفرض مدن اليونان حين كان إليها الأمر من هذا الدين الغريب الذي تقام له المعابد بها، ويؤمر الناس فيها أن يقدموا إليه الطاعة، ولولا أن هؤلاء الرومان قد اتخذوا الدين وسيلة من وسائل السيادة وأداة من أدوات الحكم وبسط السلطان، يكذبون به على أنفسهم ويكذبون به على الناس، لولا هذا كله لما أريقت الدماء ولا انتثرت الأشلاء، ولا أزهقت النفوس، ولا قتل الناس بعضهم بعضا على هذا النحو.
قال شبيه آريس: إنكم لتعلمون حبي للدماء، ونشوتي بالقتال والحرب، ولكني شديد البغض لما أرى، شديد النفور مما أجد. وكم ضقت بما رأيت أمس من هذا التقتيل والتنكيل والتمثيل! ومع ذلك فكم شهدت من حرب وكم اشتركت فيها! وكم أغريت بها؛ وكم دفعت إليها! وكم أبليت فأحسنت البلاء! قالت شبيهة «أتنا»: وأي غرابة في ذلك؛ أنا أيضا أحببت الحرب وما زلت أحبها، ولكن الحرب شيء وهذا النكر شيء آخر. وأين الحرب التي تصدر عن الشجاعة والبأس من هذا الإجرام الذي لا يصدر إلا عن الجبن والبغي والعدوان! وأي فرق بين تقتيل العزل والأبرياء، وبين ما فعله أياس حين جن جنونه، فأعمل سيفه في قطعان البقر والغنم التي لا تملك عن نفسها دفاعا؛ قال شبيه أبلون: وما بقاؤنا في هذه الأرض التي ليست لنا بدار بعد ما أزمع الآلهة أن يدعوا هذا الإقليم لدين قيصر ولهذا الدين الجديد؟! لقد وقفنا فأطلنا الوقوف، وودعنا فأطلنا الوداع، وآن لنا أن نلحق بمن سبقنا من الآلهة إلى تلك الأرض الموعودة التي لم تفسد عقول أهلها حيلة برومثيوس، ولا فلسفة سقراط، ولا سياسة قيصر، هلم. ثم ترتفع بهم أفراسهم في الجو، وما هي إلا لحظة حتى أرى سحابا رقيقا يمضي أمامي مسرعا، ثم أنظر فلا أرى شيئا. أكنت نائما أرى ما يرى النائم، أم كنت يقظان أرى ما يرى الأيقاظ؟
قال «نكياس»: لم تكن نائما ولا حالما: فقد كنت أسمع حديثك الآن وما أشك في أنك قد كنت تقرأ ما كان قد نقش على قلبي ورسخ في قرارة نفسي. الصورة هي الصورة، واللفظ هو اللفظ، ومقدم الفرسان ورحيلهم ووقوفهم بين ذلك كما وصفته، لم تزد فيه ولم تنقص منه؛ ولكني لم يطل علي الليل ولم يثقل علي الهم، ولم يضق بي المكان. لقد أنفقت بقية النهار وأكثر الليل في قصر الحاكم مع أغنياء المدينة وأشرافها نستمتع بلذات هذا الحفل الذي دعانا إليه، ولم تنشط أنت له. وأشهد لقد أسرفت في الطعام، وأسرفت في الشرب خاصة؛ لأني كنت أريد أن تفرق الخمر بيني وبين نفسي، وأن تسل الخمر ما كان يملأ صدري من الهم والحزن. ولكن الليل عجز عن أن يسلمك إلى النوم، وعجزت الخمر عن أن تسلمني إلى السكر. فلما انقضى الحفل وانصرف الناس لم أستطع أن أعود إلى داري، فمضيت أمشي على ساحل البحر أتنسم الهواء وأنظر في السماء، حتى رأيت مثل ما رأيت، وسمعت مثل ما سمعت. وعدت وإني لأسأل نفسي منذ ذلك الوقت: أكان حقا ما رأيت وسمعت، أم كان لونا من ألوان السكر وخيالا من هذه الخيالات التي تسلطها الخمر على النفوس؟ قال «كيمون»: وإذا ...؟ قال «نكياس»: وإذا ...! ثم سكت الصديقان وقتا طويلا. ثم استأنف «نكياس» حديثه وهو يقول: وإذا فنحن بين اثنتين: إما أن نرحل كما رحل الآلهة، وإما أن نقيم كما أقام الناس. وفي السياحة لذة، وفي الخمر واللهو عزاء. قال «كيمون»: أما أنا فمرتحل. قال «نكياس»: أما أنا فمقيم. قال «كيمون»: فكن إذا خليفتي في مالي حتى يأتيك أمري فيه. قال «نكياس»: أجاد أنت؟ وما يمنع أن يكون ما رأينا وسمعنا عبثا من عبث الآلهة؛ فقد علمت أنهم يحبون العبث بنا والسخر منا! وما يمنع أن يكون ما رأينا وسمعنا أثرا من آثار هذه الصدمة التي دهمتنا أمس حين رأينا ما سفك من دماء وما أزهق من نفوس! أقم فإن في اللهو واللذة وفي الخمر والغناء، وفي جمال هؤلاء الإماء اللاتي يملأن قصورنا نعيما وبهجة، وفي هذه الثروة التي تتيح لنا من ألوان الشرف والمجد ما لا يتاح إلا لقليل من الناس، ما هو خليق أن ينسينا ما شهدنا منذ أمس. أقم! ولنضاعف ما نحن فيه من عبث ولهو؛ فما أرى حياة الناس تستقيم إلا على العبث واللهو: شرب في النهار، ونوم في الليل، حتى إذا سئمنا الحياة خرجنا منها مزدرين لها. قال «كيمون»: أنت وما تحب من هذا، أما أنا فمرتحل عن هذه الأرض ولو إلى حين.
ثم افترق الصديقان بعد ذلك، فلم يلتقيا ولم يعرف أحدهما من أمر صاحبه شيئا. أما التاريخ فقد عرف من أمر «كيمون» شيئا كثيرا.
على أن الذي حدثني بحديث «كيمون» لم ينس أن يصطنع الصدق والأمانة في الحديث، ولم يرض أن يتكلف ما يتكلفه القصاص وكثير من المؤرخين من التزيد في الرواية، والتحدث بما لا علم لهم به؛ فقد أنبأني بأن جزءا غير قليل من حياة «كيمون» لم يصل عنه إلى الرواة والمؤرخين إلا أطراف قصيرة من الحديث، وأن التاريخ لم يعرف تفصيل حياته إلا في آخرها حين تقضى شبابه، وأقبلت عليه الشيخوخة بما تحمل إلى الناس من هذه الهدايا البغيضة التي تتألف من الضعف والمرض وأعراض الفناء والانحلال. ولو قد عرف التفصيل من أمر «كيمون» لوجد الناس في قراءته لذة لا يجدون مثلها كثيرا حين يقرءون حياة الشهداء والقديسين. فقد انصرف «كيمون» عن صاحبه محزونا موزعا بين اليأس البين إن أقام، والرجاء الغامض المبهم إن ارتحل. وكان قد كره المدينة والحياة فيها كرها شديدا. وكان قد سئم قصره وما فيه سأما ساء له خلقه حتى أنكر نفسه، وحتى كره ما كان يسمع من صوته وألفاظه حين كان يتحدث إلى أهل القصر من الأحرار والأرقاء.
Неизвестная страница