لم تف كتب التراجم بترجمة شاملة للحافظ الناجي، فلم تذكر شيئًا عن نشأته ولا أسرته ولا بداية طلبه للعلم ... إلى غير ذلك من الأمور المهمة المتعلقة بشخصيته، وليس فيها سوى نتفٍ يسيرة، تناقلها بعضهم عن بعض حتى لا تكاد تجد فرقًا بين ترجمة وأخرى إلا لمامًا.
وهذا النقص في ترجمته له أثر بالغ في عدم فهمنا لشخصيته من جوانبها المختلفة.
ورغم هذا الغموض المحيط بشخصيته، فسنحاول عرض جوانب من حياته على ضوء ما ورد في ترجمته في تلك الكتب، إضافة إلى ما استفدناه من الكتاب موضوع البحث.
هذا وقد ذكر الحافظ محمد بن علي بن طولون المتوفى سنة ٩٥٣ هـ أن تلميذ الشيخ الناجي عبد القادر بن محمد النعيمي (١)، قد أفرد شيخه الناجي بترجمة مستقلة نقل ذلك الدكتور صلاح الدين المنجد، ثم قال: "لم تصل إلينا تلك الترجمة" (٢).
قلت: ولم أقف على تلك الترجمة بعد طول بحث وتنقيب، وفي توقعي أنها ترجمة شاملة وافية، لأنها من تلميذ ملازم، وهو في نفس الوقت مؤرخ مشهور، ولكن بكل أسف لم أظفر بها.
أولًا: عصره:
مما لا ريب فيه أن للظروف التي تحيط بالإنسان، وللوسط الذي يعيش فيه دورًا كبيرًا، وأثرًا بالغًا في تكوين شخصيته، لأن الإنسان يتأثر بالبيئة التي ولد فيها، وعاش ومارس أحداثها؛ ونظرًا لهذه الأهمية، رأيت أن أقدم دراسة موجزة سريعة عن عصر المؤلف متناولًا ما يلي:
أ- الحالة السياسية والاجتماعية:
عاش المؤلف في الفترة ما بين سنة ٨١٠ - ٩٠٠ هـ، وهذه الحقبة من الزمن كان الحكم فيها لدولة المماليك، تلك الدولة التي حكمت جزءًا كبيرًا
_________
(١) انظر ترجمته في ص: ٦٧.
(٢) معجم المؤرخين الدمشقيين ص: ٢٨٢.
1 / 53