نظرت إلى الشقراء الحسناء التي كانت قد بدأت تذكرها بتمثال من الشمع في واجهة محل. لم تكن ثمة خصلة واحدة من شعرها المموج المبسوط ذي اللون الذهبي كالشهد شاردة، حتى عيناها كان لهما شفافية الشمع الأزرق.
أصابها التباين بينها وبين حيوية العانس ضئيلة الجسد بالقشعريرة، فنظرت إلى ساعتها. كان الوقت متأخرا فعلمت أنها غفت لوقت أطول مما توقعت، وشعرت أيضا بالقلق تجاه غياب الآنسة فروي الطويل.
قالت في نفسها: «لقد غابت لوقت يكفي للاستحمام. آمل ... آمل ألا يكون قد أصابها مكروه.»
كانت تلك الفكرة مزعجة لدرجة اضطرتها لأن تبذل كل ذرة من المنطق كي تطردها من ذهنها.
قالت في نفسها: «تلك فكرة سخيفة، فما الذي يمكن أن يحدث لها؟ الليل لم يحل بعد لأظن أنها فتحت بابا على سبيل الخطأ فسقطت من القطار في جنح الظلام، كما أنها مسافرة محنكة - لا حمقاء عاجزة مثلي - وتتقن لغات عدة.»
تراقصت ابتسامة على شفتيها وهي تتذكر إحدى مواطن الثقة بالنفس لدى العانس ضئيلة الجسد. «تمنحني اللغات إحساسا بالقوة. إن حدثت أزمة ما في مقصورة قطار، ولم يكن ثمة مترجمون فوريون، فبمقدوري أن أتقدم لأسد تلك الثغرة، وأغير مسار العالم.»
كانت تلك الذكرى بمثابة أحد التفسيرات المحتملة لمقعد الآنسة فروي الخاوي. هي على الأرجح تشبع غريزتها الاجتماعية بالحديث مع الغرباء الودودين؛ فهي لا يفصلها عنهم حاجز اللغة، كما أنها كانت مفعمة بروح الإجازة، وكانت تريد أن تخبر الجميع أنها عائدة إلى الوطن.
قالت آيريس مقررة: «سأمنحها نصف ساعة أخرى. هي حتما لن تغيب أكثر من ذلك.»
عندما نظرت من النافذة، ملأت السماء الملبدة بالغيوم قبيل الغروب نفسها بالكآبة. كان القطار ينزل تدريجيا من فوق أراض مرتفعة، وكان الآن يقطع واديا أخضر مشجرا . كانت أزهار الزعفران البنفسجية تبرز لأعلى وسط المراعي الكثيفة التي غمقت الرطوبة لونها. كان المشهد خريفيا بحق، فجعلها تدرك أن الصيف ولى.
مر الوقت بسرعة شديدة؛ لأنها كانت تخشى انقضاء المهلة التي حددتها. إن لم تعد الآنسة فروي فستضطر لاتخاذ قرار ما، وهي لا تدري ما الذي يجب عليها أن تفعله. ذكرت نفسها أن الأمر لا يعنيها على الإطلاق بالطبع، لكن قلقها ظل يتزايد مع كل خمس دقائق تنقضي من مهلتها التي تمر سريعا.
Неизвестная страница