بعفوية، نادته قائلة: «لن أذهب برفقة ذلك الطبيب؛ فهو شبيه بالموت، لكني - بافتراض أني انهرت، وهو أمر أجده سخيفا - فسأذهب برفقتك أنت.»
ظنت بذلك أنها ستسترضيه، لكنها لم تنجح إلا في إثارة ذعر كليهما .
قال البروفيسور بحدة حاول بها إخفاء توتره: «هذا مستحيل؛ فالظروف لا تحتم ذلك. لقد قدم لك الطبيب عرضا سخيا معينا، أفضل من يقدمه رجل طب.»
فتح لها باب الفخ مرة أخرى، لكنها هزت رأسها. لن تدخل إليه أبدا إلا إن خدعت.
كانت تلك فكرة مقلقة؛ إذ بدأت تعتقد أنها لا يمكنها الوثوق في أحد، حتى هير خذلها؛ ففيما كان قلقا بالفعل بشأن صحتها كان يمازحها بشأن السيدة بارنز، التي طلبت منه، حسب قوله، إرسال برقية لرجل يدعى جابريال، وإخفاء أمرها عن زوجها.
لما كان يستحيل تصور أن تكون زوجة القس متورطة في علاقة غرامية سرية، استنتجت آيريس أن هير كان يحاول تضليلها.
كرهت محاولته الواهية، خاصة أن السيدة بارنز كانت مرتبطة بذكرى مؤلمة؛ فهي من ساقت الآنسة فروي بعيدا، وجعلتها تعود لتتحسس طريقها في غياهب العالم المظلم.
لم تستطع آيريس أن تغفر لها ذلك؛ إذ كانت تفتقد بشدة الدعم الذي لا يستطيع أن يقدمه لها سوى تلك المعلمة الضئيلة. في ذلك الموقف، كانت لتعلم أنها ستكون بمأمن بين يديها الخبيرتين. كانت خائفة، مريضة، بلا أصدقاء؛ فقد أحرقت جسورها معهم.
كما أنها كلما فكرت في ذلك اللغز، شعرت أنها تقترب من حدود ذلك العالم الذي تسكنه الظلال المتحركة، حيث تطغي الخيال على الواقع، ولا يكون لها وجود إلا في حلم الملك الأحمر ملك بلاد العجائب. لو لم تتمالك نفسها فلربما يتوقف احتفاظها بسلامتها العقلية أو فقدانها لها على حقيقة وجود الآنسة فروي.
كان ثمة آخرون على متن ذلك القطار الذي يعج بالسائحين الذين يقضون عطلاتهم واقعين في مأزق أشد مما هي فيه. أحد هؤلاء كانت الفتاة المقعدة في العربة المجاورة. مع أنها كانت غائبة عن الوعي في أغلب الوقت، كانت كل ثانية تمر عليها واعية تختبر فيها هلع الصدمة التي أسقطتها في غياهب الظلام، وإن طالت تلك اللحظة شيئا ضئيلا فإنها تفسح المجال لغيمة من الشكوك المريعة. «أين أنا؟ ماذا سيحدث لي؟ إلى أين يأخذونني؟»
Неизвестная страница