ومنهم: السياحون (عليهم السلام)، وهم صنف من الملائكة يحبون مجالس الذكر فإذا رأوا مجالس الذكر احتووا عليها.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «إن لله تعالى سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تعالى ينادون:
هلموا إلى بغيتكم؛ فيجيئون بهم إلى السماء الدنيا، فإذا انصرفوا يقول الله تعالى: على أي شيء تركتم عبادي يصنعون؟ فيقولون: تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويقدسونك، فيقول الله تعالى: وهل رأوني؟ فيقولون: لا، فيقول: كيف لو رأوني؟ فيقولون: لو رأوك لكانوا أشد تسبيحا وتمجيدا، فيقول لهم: من أي شيء يتعوذون؟ فيقولون: من النار، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون:
لا، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا أشد هربا منها وأشد تعوذا، فيقول: أي شيء يطلبون؟ فيقولون: الجنة، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقول: كيف لو رأوها؟
فيقولون: لو رأوها لكانوا أشد طلبا لها، فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقولون: كان فيهم فلان لم يردهم إنما جاء لحاجة، فيقول: هم القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم» (1).
ومنهم: هاروت وماروت، هما ملكان معذبان ببابل، عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما خرج آدم (صلى الله عليه وسلم) من الجنة عريان، نظرت إليه الملائكة وقالت: إلهنا، هذا آدم بديع فطرتك أقله ولا تخذله، فمر بملأ من الملائكة فوبخوه على نقضه عهد ربه، وكان ممن وبخه يومئذ هاروت وماروت، فقال آدم: يا ملائكة ربي، ارحموا ولا توبخوا، فذلك الذي جرى علي كان قضاء ربي، فأبلاهما الله تعالى حتى عصيا ومنعا من الصعود إلى السماء.
فلما كان أيام إدريس (عليه السلام) صارا إليه وذكرا له قصتهما، ثم قالا له: هل لك أن تدعو لنا حتى يتجاوز عنا ربنا؟ فقال إدريس (عليه السلام): كيف لي العلم بالتجاوز عنكما؟ قالا: ادع لنا، فإن رأيتنا فهو الاستجابة، وإن لم ترانا هلكنا، فتوضأ إدريس (عليه السلام) وصلى ودعا الله تعالى، ثم التفت فلم يرهما، فعلم أن العقوبة حلت بهما واختطفا إلى أرض بابل، ثم خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا فهما مسلسلان معذبان في بئر بأرض بابل منكسين إلى يوم القيامة (2).
Страница 62