وذكر بطليموس: أن دائرة البروج أربعمائة وستة وثمانون ألف ألف ومائتان وتسعة وخمسون ألفا وسبعمائة وأحد وعشرون ميلا وسبع ميل، فطول كل برج تسعة وثلاثون ألف ألف وثلاثمائة وثمانية وثمانون ألفا وثلاثمائة وعشرة أميال ونصف وسدس ميل، وعرض كل برج ألف ألف وثلاثمائة واثنان وعشرون ألفا وتسعمائة وثلاثة وأربعون ميلا وثلث ميل، والله الموفق للصواب.
(النظر الحادي عشر: في فلك الأفلاك)
سمي بهذا الاسم؛ لإحاطته بجميع الأفلاك وتحريكه كلها، ويقال له: الفلك الأعظم؛ لأنه أكبر الأفلاك، يقال له: الفلك الأطلس؛ لأنهم لم يعرفوا له كوكبا، وحركة هذا الفلك من المشرق إلى المغرب على قطبين ثابتين، يقال لأحدهما:
القطب الشمالي، والآخر: القطب الجنوبي، وتتم دورته في أربع وعشرين ساعة، وبحركته تتحرك الأفلاك كلها مع كواكبها، وحركته أسرع من كل شيء شاهده الإنسان حتى صح في الهندسة أن الشمس تتحرك بحركتها القسرية، وهي حركة الفلك الأعظم في مقدار ما يرفع الإنسان قدمه للخطو إلى أن يضعها ثمنمائة فرسخ.
ويشهد بصحة هذا ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه سأل جبريل (عليه السلام) عن دخول وقت الصلاة فقال: لا نعم، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قوله:
لا نعم، فقال: من وقت قلت لا إلى أن قلت نعم مرت الشمس خمسمائة فرسخ.
وبحركة هذا الفلك يتكون الليل والنهار، فإذا طلعت الشمس بدوارن هذا الفلك على جانب من الأرض أضاء جوها وأشرق سطحها وتحركت حيواناتها وربا نباتها وفاح نسيمها، وإذا غابت بدوران هذا الفلك عن جانب من الأرض أظلم جوها واسود وجهها وسكنت حيواناتها وذبل نباتها، فما دامت هذه الحركة محفوظة فهذه الحالة موجودة، وأشار إليها بقوله تعالى: ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون [القصص: 73].
والحكماء سموها هذا الفلك محددا؛ لاعتقادهم أن ليس وراء ذلك خلا وملا، وقال ابو عبد الله محمد بن عمر الرازي بعد ما أظهر فساد القول بالمحدد: من أراد أن يكتال مملكة الباري تعالى بمكيال العقل فقد ضل ضلالا بعيدا.
وقد أحب بعض السلف التوفيق بين الآيات والأخبار وقول الحكماء، فزعم أن الكرسي هو الفلك الثامن الذي ذكرنا سعته وعجائبه، والعرش هو الفلك التاسع الذي هو أعظم الأفلاك،
Страница 54