وتعظيم العلماء وأهل الدين وخدمة الحرمين الشريفين والتمسك في الأحكام والوقائع بالقوانين والشرائع فتحصنت دولتهم وطالت مدتهم وهابتهم الملوك وانقاد لهم الممالك والمملوك.
ومما يحسن ايراده هنا ما حكاه الأسحاقي في تاريخه أنه لما تولى السلطان سليم ابن السلطان سليمان المذكور كان لوالده مصاحب يدعى شمسي باشا العجمي ولا يخفي ما بين آل عثمان والعجم من العداوة المحكمة الأساس فأقر السلطان سليم شمسي باشا العجمي مصاحبا على ما كان عليه أيام والده وكان شمسي باشا المذكور له مداخل عجيبة وحيل غريبة يلقيها في قالب مرض ومصاحبة يسحر بها العقول فقصد أن يدخل شيئا منكرا يكون سببا لخلخلة دولة آل عثمان وهو قبول الرشا من أرباب الولاة والعمال. فلما تمكن من مصاحبة السلطان قال له: على سبيل العرض عبدكم فلان المعزول من منصب كذا وليس بيده منصب الآن قصده من فيض انعامكم عليه المنصب الفلاني ويدفع إلى الخزينة كذا وكذا. فلما سمع السلطان سليم ما ابداه شمسي باشا علم أنها مكيدة منه وقصده ادخال السوء بيت آل عثمان فتغير مزاجه وقال له: يا رافضي مريد أن تدخل الرشوة بيت السلطنة حتى يكون ذلك سببا لإزالتها. وامر بقتله فتلطف به وقال له: يابا دشاه لا تعجل هذه وصية والدك لي فإنه قال لي: إن السلطان سليم صغير السن وربما يكون عنده ميل للدنيا فاعرض عليه هذا الأمر فإن جنح إليه فامنعه بلطف فإن امتنع فقل له هذه وصية والدك فدم عليها ودعا له بالثبات وخلص من القتل.
فانظر يا أخي وتأمل فيما تضمنته هذه الحكاية من المعاني. وأقول بعد ذلك يضيق صدري ولا ينطلق لساني وليس الحال بمجهول حتى يفصح عنه اللسان بالقول وقد اخر سني العجز أن افتح فما افغير الله ابتغى حكما.
وفي اثناء الدولة العثمانية ونوابهم وامرائهم المصرية ظهر في عسكر
1 / 38