المظفر قطز وخرج بالعساكر المصرية لمحاربة التتار فظهر عليهم وهزمهم ولم تقم لهم قائمة بعد ذلك بعد أن كانوا ملكوا معظم المعمور من الأرض وقهروا الملوك وقتلوا العباد وأخربوا البلاد.
وفي سنة أربع وخمسين وستمائة ملكوا سائر بلاد الروم بالسيف وفي البحر. فلما فرغوا من ذلك صميعه نزل هولاكوخان وهو ابن طولون بن جنكيز خان على بغداد وذلك سنة ست وخمسين وهي إذ ذاك كرسي مملكة الإسلام ودار الخلافة فملكها وقتلوا ونهبوا وأسروا من بها من جمهور المسلمين والفقهاء والعلماء والأئمة والقراء والمحدثين وأكابر الأولياء والصالحين وفيها خليفة رب العالمين وإمام المسلمين وابن عم سيد المرسلين فقتلوه وأهله وأكابر دولته وجرى في بغداد ما لم يسمع بمثله في الآفاق. ثم أن هولاكوخان أمر بعد القتلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وزيادة ثم تقدم التتار إلى بلاد الجزيرة واستولوا على حران والرها وديار بكر في سنة سبع وخمسين ثم جاوزوا الفرات ونزلوا على حلب في سنة ثمان وخمسين وستمائة واستولوا عليها وأحرقوا المساجد وجرت الدماء في الازقة وفعلوا ما لم يتقدم مثله.
ثم وصلوا إلى دمشق وسلطانها الناصر يوسف بن أيوب فخرج هاربا وخرج معه أهل القدرة ودخل التتار إلى دمشق وتسلموها بالأمان ثم غدروا بهم وتعدوها فوصلوا إلى نابلس ثم إلى الكرك وبيت المقدس فخرج سلطان مصر بجيش الترك الذين تهابهم الأسود وتقل في أعينهم أعداد الجنود فالتقاهم عند عين جالوت فكسرهم وشردهم وولوا الأدبار وطمع الناس فيهم يتخطونهم. ووصلت البشائر بالنصر فطار الناس فرحا.
ودخل المظفر إلى دمشق مؤيدا منصورا واحبه الخلق محبة عظيمة وساق بيبرس خلف التتار إلى بلاد حلب وطردهم وكان السلطان وعد.
1 / 29