فقلت: إننا لا نتعرض بسوء لأي إله.
فقال برقة: إنني أطمح إلى دفاع الملكة عنا عند الضرورة!
فقلت بصدق: لا أستطيع أن أعد إلا بما يسعني الوفاء به.
فقال بأسى: كان أبوك واحدا منا، وبيني وبينه صداقة لا تنفصم عراها.
فقلت: يسرني أن أسمع ذلك.
وذهب الرجل ولا شك عندي في أنه أضمر لي عداوة ثابتة. وكرس الملك حياته كلها لرسالته، داعيا للحب بالحب، نافيا العنف والقهر والعقاب، مخففا الضرائب عن الفقراء، حتى آمن الجميع بأن عهدا جديدا من الخير يحل بأرض مصر. وجاءني المخاض فولدت ابنتي الثانية سيكيتاتون، فخاب رجائي للمرة الثانية في إنجاب ولي للعهد. وكثر الحديث عن سحر الكهنة، ولكن زوجي أحب المولودة من أول نظرة، وقال لي مواسيا: سيجيء ولي العهد في حينه لا قبل ذلك.
وكمل تشييد معبد جديد لإلهنا الواحد في طيبة، وذهبنا في موكب لافتتاحه، وإذا بالكهنة يجمعون أذنابا لهم، فتظاهروا في طريق الملك وهتفوا لآمون. واستاء القصر لذاك التحدي السافر، وسهر الملك في الشرفة مغتما على غير العادة، وراح يخاطب طيبة قائلا: طيبة، يا مدينة الشر والأشرار، يا مثوى الإله الكاذب والكهنة الفاسقين، لا أريدك بعد اليوم يا طيبة !
وأمره الإله ببناء مدينة جديدة له، ونفذ الأمر، فرحل بك على رأس ثمانين ألفا من المهندسين والعمال لتشييد مدينة الإله الواحد، وعشنا في أثناء ذلك هانئين بسعادتنا الشخصية يتربص بنا جو عدائي شديد التوتر. وأنجبت أنحس ياتون ونفر آتون مسلمة أمري لإلهي خالق الإناث والذكور. وفي الوقت المناسب انتقلنا إلى المدينة الجديدة مصطحبين معنا سمنخ رع وتوت عنخ آمون، أما الملكة تيى فأصرت على البقاء في طيبة على كثب من كهنة آمون كي لا يقطع آخر خيط بين العرش والمعابد.
ولما وجدتني في مدينة النور أخت آتون المتجلية في وحدة هندسية متناسقة استخفني السرور، فهتفت في نشوة وبراءة: ما أجمل الجمال! ما أعذب روحك يا إلهي!
وافتتحت المدينة بالصلاة في المعبد، وشدوت بنشيد الإله بصوت لم تسمع المعابد أعذب منه، ثم ألقى الملك موعظته الأولى الشاملة، ورسم مري رع كاهنا أكبر. وجرى نهر الحياة حاملا إلينا بركات السعادة والنصر، حتى رجع إلي يوما من خلوته يلوح في وجهه الجد والتصميم، وقال لي: أمرني إلهي بأن يعبد وحده في البلاد!
Неизвестная страница