والدليل على أن المعاصي ليست بقضائه ولا بقدره، ما أنزل في كتابه من ذكر قضائه بالحق، وأمره بالعدل، وتعبده عباده بالرضى بقضائه وقدره، وإجماع الأمة كلها على أن جميع المعاصي والفواحش جور وباطل وظلم، وأن الله جل ثناؤه لم يقض الجور والباطل، ولم يكن منه الظلم، وأنهم مسلمون لقضاء الله، منقادون لأمر الله، فإذا نزلت بهم الحوادث من الأسقام والموت والجدب والمصائب من الله جل ثناؤه، قالوا هذا بقضاء الله، رضينا وسلمنا، ولا يسخطه منهم أحد، ولا ينكره منكر، وإن سخطه منهم ساخط، كان عندهم من الكافرين، وإذا ظهرت منهم الفواحش وانتهكت فيهم المحارم، كانوا لها كارهين، وعلى أهلها ساخطين، ولهم معاقبين، يتبرأون منهم ويلعنونهم، ويذمونهم وأعمالهم. ففي ذلك دليل أن ذلك ليس فعله. وقضاء الله لا يكون جورا ولا فاحشا، ولا قبيحا ولا باطلا ولا ظلما، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقد وصفنا حجج الله في عدله، وما بين من ذلك لخلقه.
Страница 264