Укус собаки: сборник рассказов
عضة كلب: مجموعة قصصية
Жанры
رد الضابط ببرود: الأول عدو، والثاني خائن. (تمت)
شجرة الدر
بدأ الفصل الدراسي الثاني منذ أيام، وفي مثل هذا الوقت من كل عام تنظم مسابقة لاختيار المعلم المثالي في المدرسة، وكان الأستاذ عزت من بين ثلاثة مرشحين هو أكثرهم حظا؛ فكفاءته المهنية وأخلاقه الطيبة وحب التلميذات له ترجح كفته، ولم تكن صلته بمديرة المدرسة تنقص من قدره إلا القليل.
ساد الهدوء طابور الصباح؛ فالجميع متلهفون على معرفة من استقر الرأي عليه، وبإحساس الواثق تماما من النصر، كان يعتري الأستاذ عزت بعض الخجل وتعلو وجهه بسمة القناعة والرضا. تقدمت الأستاذة درية مديرة المدرسة مصحوبة بنخبة من المقربين، فأمسكت الميكرفون وأعلنت بلهجة باردة وباختصار مخل أن الفائز بلقب المعلم المثالي لهذا العام هو الأستاذ خليل أيوب. وجم الجميع وتلفتوا يتبادلون نظرات ذات مغزى؛ فقد كان خليل مستبعدا تماما من توقعاتهم. صفق بعض من تحلقوا حول المديرة وتفرق الآخرون حول الطابور يتجنبون عين المديرة المنذرة، وساد صمت كأنه التمرد مخنوق الأنفاس. وفي نبرة آمرة غاضبة تجاهد للتنصل من ارتعاشة الخوف خرجت الكلمات من فم الأستاذة درية: لنصفق معا للأستاذ خليل.
ولم يصفق أحد، فصرخت: ليصعد الجميع إلى الفصول.
وأخذت طريقها نحو مكتبها، وفي أعقابها هرول خليل.
في ذلك اليوم بدا أن الزمام بدأ يفلت من يد السيدة درية، فبعض المعلمين تركوا فصولهم وتجمعوا في الطرقات يتهامسون، وسنحت الفرصة للتلميذات أن يتحلقن في جماعات متناثرة خارج أبواب الفصول وفي الفناء، ولم تفلح صيحات بعض المشرفين والمشرفات في إعادة فرض النظام الصارم في المدرسة، والذي كان صفة المدرسة المميزة منذ أن تولت إدارتها المديرة الحالية. سادت الفوضى، وكانت المديرة أكثر ذكاء من أن تظهر آنذاك خارج مكتبها.
لم يكن هناك حديث إلا عن الأستاذ عزت ودرية، وتطرق الحديث بالطبع للأستاذ خليل أيوب نجم الواقعة الجديدة. لم يمض على خليل إلا بضع سنوات في مهنة التعليم، وهو أعزب في الثامنة والعشرين من عمره، متعدد المواهب؛ فهو بالإضافة لراتبه الزهيد وما يحصل عليه من الدروس الخصوصية، يرتزق من التجارة في الملابس الجاهزة والدجاج واللحوم المستوردة، وهو متعهد أنفار لمكاتب تسفير العمالة إلى دول الخليج، وله في كل «خرابة» جحر، ينفذ منه إلى المرتشين في كل مكان لتسهيل حصول الناس على حقوقهم أو الجور على حقوق الغير. كثير التغيب عن المدرسة ودائما بإذن مقبول من السيدة المديرة، التي تبعد الشبهات عنه وعنها متعللة بأنه ينجز مصالح المدرسة في الإدارة التعليمية وغيرها، لما يتمتع به من صلات وثيقة بالكثيرين تسهل له الأمور. وهو بالطبع المسئول الأول بتفويض منها عن الحفلات والمسابقات، وما خفي من شئون العلاقات العامة التي أثبت فيها جدارة لا ينكرها إلا حاسد أو شريف. أفاق منافق يتحاشاه البعض، لكن الكثيرين يلجئون إليه وقت الشدة فهو لا يخذل أحدا. قربه الشديد من المديرة وفارق السن بينهما جعل الناس يلقبونه بالابن المدلل، وهو دائما ما يتحاشى التعامل مع الأستاذ عزت.
بعد يومين فقط من واقعة اختيار المعلم المثالي، أشيع في المدرسة أن الأستاذ عزت تقدم بطلب للإدارة التعليمية يطلب فيه نقله إلى أي مدرسة أخرى، وهرولت السيدة المديرة إلى المسئولين بالإدارة تلتمس منهم عدم الاستجابة لطلب النقل. غالبيتهم كانت ترى أنه من الأنسب ألا يعمل الزوج في مدرسة تديرها زوجته، فجاهدت لإقناعهم بأن رفض زوجها العمل تحت رئاستها يعطي انطباعا بفشلها كزوجة، مما يضر بسمعتها بين هيئة التدريس والتلميذات ويؤثر بالتالي على أدائها، ولمحت أن أمرا كهذا يتعارض مع توجهات الدولة التي تعمل على ترسيخ مكانة المرأة في المجتمع. واختتمت دفاعها بأن اعتراض عزت على ترشيح شخص آخر معلما مثاليا للمدرسة، يؤكد على حيادها وموضوعيتها واتقائها للشبهات. فأرجأت الإدارة البت في الطلب.
تعرف الأستاذ عزت على الآنسة درية بعد عودته من الإعارة لإحدى دول الخليج، وكان وقتها بالطبع عريسا تتخاطفه الأمهات. دعي عزت للغداء في منزل أحد أصدقائه القدامى، وبالصدفة المتفق عليها والتي أحكم ترتيبها! أتت درية لزيارة قريبتها، زوجة الصديق القديم، وأقنعتها قريبتها، بالطبع بعد جهد! بأن تجلس إلى المائدة لتناول طعام الغداء معهم، وتم التعارف في أجواء شهية. ويبدو أن المأدبة قد راقت للمدعوين.
Неизвестная страница