Обратный отсчет: История космических путешествий
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Жанры
لكن، سرعان ما صار لدى كوروليف ما يثير قلقه أكثر من شئون السياسة الداخلية؛ فقد سيطرت حالة من الجنون على الاتحاد السوفييتي، في صورة إرهاب ترعاه الدولة في مختلف أنحاء البلاد؛ وأدى ذلك إلى انحسار الاهتمام بكوروليف ومشروعه إلى ما لا يزيد عن حصاة مسحوقة تحت حذاء ضخم جدا، وهو حذاء ستالين.
كانت جذور إرهاب ستالين تكمن في الدمار غير المسبوق الذي خلفته الحرب العالمية الأولى، وهو دمار قضى تماما على الصور المعتادة للنظام الاجتماعي والسياسي في روسيا. ونهضت الدولة الشيوعية من بين رماد الحرب، واضعة قوة مطلقة في خدمة سلطة غاشمة. وبعد تولي ستالين مقاليد الحكم، استخدم هذه القوة في فرض نظام التأميم الزراعي؛ ولم تكن سياسته إلا حربا لا هوادة فيها ضد شعبه، حربا أودت بحياة نحو عشرة ملايين شخص، وتطلب إنشاء المزارع الجماعية مصادرة واسعة النطاق للأراضي ذات الملكية الخاصة، وفرض العبودية على مائة مليون مزارع كانوا يظنون أنهم أحرار.
كان التغيير كاسحا، وكانت سلطة الدولة تمارس على نطاق واسع للغاية؛ مما أدى إلى وجود معارضة عنيفة تمثلت في قضاء المزارعين على ماشيتهم ومخزونهم من الأعلاف بدلا من تسليمها إلى الدولة. قمع ستالين هذه المعارضة بشراسة، في البداية من خلال استهداف طبقة المزارعين، ثم من خلال القضاء على أقسام كبرى من حزبه الشيوعي، كان قادتها قد تجرءوا على انتقاده في السنوات السابقة؛ وبعد ذلك، وجه ستالين هجومه إلى الجيش الأحمر. كان يعرف جيدا أن نظامه يرتكز على القوة فقط، حيث كان النظام يفتقر إلى سيادة القانون، وتغيب عنه أشكال الشرعية التقليدية مثل القبول الجماهيري والأعراف الراسخة. وكان ستالين يدرك أن السلطة المطلقة ستئول إلى كل من يقود قوات تستطيع الاستيلاء فعليا على الكرملين، وكان قادة الجيش هم أول من قد يحاول القيام بذلك. ربما يقر الجنرالات بالولاء الأبدي، لكن ستالين لم يكن يعبأ بذلك؛ فمن وجهة نظره أن الجنرالات كانوا يواجهون إغراء لا يقاوم للاستيلاء على السلطة باسم المزارعين، ثم الظفر بولائهم من خلال القضاء على المزارع الجماعية وإعادة الأراضي التي صادرتها الدولة إلى أصحابها.
كان توكاشيفسكي أحد أكثر هؤلاء الجنرالات تأثيرا، وكان ستالين يعد العدة بعناية للقضاء عليه، وكانت الاتهامات التي ستوجه إليه هي تهمة الخيانة العظمى من خلال تعاونه مع النازيين، وكان في مقدور ستالين أن يجعل هذه الاتهامات تبدو مقنعة من خلال الاعتماد على الاتصالات الموجودة بالفعل بين النازيين والمفوضية الشعبية للشئون الداخلية؛ شرطته السرية. تعاون هتلر وكبار مسئوليه طواعية، مدركين أن القضاء على توكاشيفسكي سيفضي إلى إضعاف الجيش الأحمر.
بناء على ذلك، كلف المسئولون الألمان أحد المزورين بإعداد ملف خطابات يفترض أنه كان يجري تبادلها بين توكاشيفسكي وعدد من أفراد فريق الأركان العامة التابع لهتلر، واستنسخ توقيع توكاشيفسكي من اتفاقية أبرمت عام 1926 بين جيشي البلدين، بينما استنسخت توقيعات الجنرالات الألمان من دفاتر شيكات. وفي مايو 1937، وصل هذا الملف إلى مكتب ستالين، واتخذ ستالين إجراءات سريعة؛ إذ اعتقلت الشرطة السرية عددا من كبار القادة العسكريين وأعدمتهم، فضلا عن توكاشيفسكي. كما أطلقت النار على أخويه ثم على زوجته لاحقا، واحتجزت أمه في أحد معسكرات التعذيب حيث قضت نحبها، وأخذت أيضا الأخوات الأربع وزوجتان سابقتان إلى معسكر الجولاج، وسمح لابنته بالعيش طليقة حتى بلغت ثمانية عشر عاما، ثم أخذت هي أيضا إلى أحد معسكرات الاعتقال.
واجه توكاشيفسكي بذلك تهمة الخيانة العظمى، ونظر إلى العاملين تحت حمايته، وفيهم قادة معهد البحوث العلمية للدفع العكسي، باعتبارهم متواطئين معه ومشاركين له في جريمته؛ ومن ثم، كان يجب إطلاق النار عليهم أيضا. لاقى كليمنوف هذا المصير، مثلما لاقاه لانجماك نائبه، ولم يعبأ أحد بأن لانجماك أمر بتطوير سلاح مهم، هو صاروخ المدفعية «كاتيوشا»، الذي صار ركيزة أساسية في الحرب التالية. وتعرض هؤلاء المسئولون للضرب والتعذيب، حيث أجبروا على إدانة زملائهم قبل أن ينالوا مصير الإعدام.
حولت الشرطة السرية اهتمامها إلى قادة آخرين في معهد البحوث العلمية للدفع العكسي، حيث ألقت القبض على مصمم الصواريخ فالنتين جلشكو. كان جلشكو قد بنى أول محرك وقود سائل ناجح في البلاد، ودافع كوروليف عن صديقه الصدوق، لكن تحت ضغط تحقيقات الشرطة السرية، أدان جلشكو كوروليف أيضا. وفي يونيو 1938، ألقت الشرطة السرية القبض على كوروليف ووضعته رهن الاعتقال.
ألقت الشرطة السرية بكوروليف في سجن بوتيركي، وهو مبنى بارد رطب مشيد من الأحجار يعود إلى عصر سجن الباستيل. هناك، خضع كوروليف لشكل من التحقيقات يطلق عليه «التحقيق المتناوب المستمر»؛ حيث كانت مجموعة من الضباط، يعمل كل منهم لمناوبة لا تزيد عن بضع ساعات، تستجوبه باستمرار على مدى أيام وليال دون انقطاع. وبعد ثلاثة أشهر، مثل كوروليف أمام وكيل النيابة فاسيلي أولريك الذي كان قد أشرف على محاكمات ستالين الصورية للقادة الشيوعيين، والذي كان قد أدان توكاشيفسكي وزملاءه الجنرالات في العام الماضي.
يصف المؤرخ روبرت كونكويست أولريك بأنه «رجل سمين، له لغد أشبه بلغد الكلب البوليسي الضخم، وعينان صغيرتان كعيني الخنزير، وكان رأسه المحلوق ذا قمة مدببة، ورقبته تبرز فوق ياقة زيه. وكان صوته ناعما ومراوغا.» نظر أولريك قضية كوروليف في عشرين دقيقة، وأصدر حكما بعشر سنوات من الأشغال الشاقة في مناجم كوليما، في أعماق سيبيريا.
من بين المجازر الجماعية التي وقعت في هذا القرن، تبرز كوليما باعتبارها واحدة من أسوأ ساحات القتل؛ إذ مات ما يقرب من ثلاثة ملايين «زك» (سجين سياسي) تحت حكم ستالين، بعضهم مات بإطلاق النار عليهم، وكثيرون ماتوا من جراء الأمراض والتضور جوعا. وعلى الرغم مما كان يعانيه السجناء من برودة قاسية خلال شتاء ممتد لمعظم فترات العام، وكميات الناموس الهائلة التي كانت تحيط بهم في الصيف، فقد منعوا من ارتداء ملابس تدفئهم وأحذية مناسبة ، وكانوا يتلقون حصصا شحيحة من الطعام؛ ومع ذلك، كانوا يؤمرون بتنفيذ كل ما يعهد إليهم من أعمال، وهو ما كان يتطلب حصصا أكبر من الطعام لم تكن توفر لهم. وعلى سبيل معاقبتهم على عدم إنجاز الأعمال الموكلة إليهم، كان الحراس يقتطعون على نحو سافر من حصص الطعام الشحيحة المخصصة إليهم، وكان السجناء السياسيون يصابون بالضعف ويموتون، ولكن كان هناك دائما سجناء جدد يحلون محلهم، ويلقون المعاملة نفسها.
Неизвестная страница