وهو مع هذا مخالف لما عرف عن عمر في إقامة الحدود، خاصة وفي مثل هذه العقوبة بعينها.
فقد جيء له يوما بشارب سكران، وأراد أن يشتد عليه فقال له: لأبعثنك إلى رجل لا تأخذه فيك هوادة، فبعث به إلى مطيع الأسود العبدي ليقيم عليه الحد في غده، ثم حضره وهو يضربه ضربا شديدا فصاح به: قتلت الرجل، كم ضربته؟ قال: ستين، قال: أقص
8
عنه بعشرين؛ أي ارفع عنه عشرين ضربة من أجل شدتك عليه فيما تقدم من الضربات.
وقد كان من دأبه أن يتريث في إقامة الحدود، حتى ليؤثر - كما قال - تعطيلها في الشبهات على أن يقيمها في الشبهات.
ومر بقوم يتبعون رجلا قد أخذ في ريبة فقال: «لا مرحبا بهذه الوجوه التي لا ترى إلا في الشر.»
وربما غضب على الوالي من كبار الولاة لغلوه في تقاضي الحدود على المعاصي، كما فعل في إنذاره الشديد لأبي موسى الأشعري حين جلد شاربا، وحلق شعره، وسود وجهه، ونادى في الناس ألا يجالسوه ولا يؤاكلوه، فأعطى الشاكي مائتي درهم، وكتب إلى أبي موسى: «لئن عدت لأسودن وجهك، ولأطوفن بك في الناس»، وأمره أن يدعو المسلمين إلى مجالسته ومؤاكلته، وأن يمهله ليتوب، ويقبل شهادته إن تاب.
وتفقد رجلا يعرفه فقيل له: إنه يتابع الشراب. فكتب إليه: «إني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو
غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير .»
9
Неизвестная страница