فتفرس الفضل في وجهها فرآها قد كتبت على خدها بالمسك: «الفضل بن الربيع.» فافتتن الفضل بذلك ورغب في هذه الجارية أيضا.
فأدركت الثالثة رأيه وخشيت أن تبقى وحدها وهي تعد ذهابها مع الفضل نجاحا كبيرا لا تطمع في أحسن منه، فانزوت جانبا وبيدها تفاحة عالجتها سرا، ثم عادت حتى أقبلت على الفضل وقدمت التفاحة له، فتناولها وإذا عليها بيت من الشعر مكتوب بالغالية؛ وهو:
أقول والركب قد مالت عمائمهم
وقد سقى القوم كأس النعسة السهر
فأدرك الفضل أنها تشير إلى ما يقوله ناظم هذا البيت «أبو دهبل الجمحي» بعده:
يا ليت أني بأثوابي وراحلتي
عبد لأهلك هذا الشهر مؤتجر
إن كان ذا قدرا يعطيك نافلة
منا ويحرمنا ما أنصف القدر
فكأنها تشير إلى رغبتها في الذهاب مع رفيقتيها، فاستحسن الفضل فطنتها، وعزم على ابتياع الجميع، وكان في عزمه سماع غنائهن قبل الشراء، ولكنه خشي التأخير - ولم يكن ميالا للهو والقصف، وإنما طاوع الأمين لغرض له في سياسة الدولة - فعزم على المسير لوقته.
Неизвестная страница