فدفعته عتبة إليه وهي تظهر خوفها عليه، فتناوله وأخذ يقلبه ويعجب به وهو يقول لها: «إنه عقد ثمين، ولكن هل تظنين أني أخرجك بهذا العقد وأنا لا أملك جوهرة من جواهره؟»
فقالت عتبة وهي ضاجرة: «يهمني الخروج والسلام.»
فلما رآها الحارس تتلهف على الخروج قال لها: «إذا شئت الخروج فاخرجي وحدك!»
فقالت عتبة للحارس: «وماذا أقول لأبي العتاهية؟»
قال الحارس : «قولي له إن مولاتك العباسة لم تعطك شيئا.» فسرها قبوله ذلك، ولكنها قالت له: «ولكنه لا يصدقني، وأرى أن أنصف بينكما، فأعطيك نصف الجائزة وأحمل إليه نصفها الآخر.»
ففرح الحارس بذلك وبادر في الحال فقطع العقد وأخذ معظمه، ودفع إليها بالباقي وقال لها: «يكفيك هذا القدر؛ فإذا أعجبك ذلك فأخرجي، وإلا فادخلي.»
فأطرقت عتبة لحظة ثم قالت له: «بل أخرج، وأحسب أنها لم تعطني شيئا.»
فسر الحارس لفوزه بتلك الجواهر وفتح الباب وقال لها: «اخرجي، ولكن احذري أن تخبري أحدا بخروجك؛ فإنك تقتلين لا محالة.»
فخرجت عتبة وهي لا تصدق أنها نجت، وقلبها يكاد يطير فرحا بإطلاق سراحها من ذلك الأسر، وأملا في نجاة جعفر. وكان الحارس أكثر فرحا منها. وكانت الشمس قد أشرقت، فأسرعت لا تلوي على شيء، واكترت حمارا وركبت قاصدة قصر جعفر بباب الشماسية.
الفصل الرابع والستون
Неизвестная страница