ثم رآه يقف في طريق شبح آخر آت من الجهة اليسرى، واشتبك الاثنان في قتال عنيف، وتبادلا طعنات قاتلة بسيفيهما، ثم صاح أحدهما وسقط على الأرض قتيلا بغير شك ... ترى من الذي سقط: الصديق أم العدو؟ ولم تطل الحيرة بالملك لأنه سمع صوت المنقذ يقول: هل مولاي بخير؟
فأجابه: نعم أيها الشجاع، ولكن أصيب وزيري.
سمع الملك مرة أخرى صلصلة سلاح وراء العربة، فالتفت بسرعة فرأى ثلة من الجنود تلتحم في قتال عنيف، ورأى الرجل الشجاع الذي قتل عدوه ينضم إليهم، وينصر فريقا على فريق، فوقف الملك الأعزل يشاهد المعركة وهو كظيم.
ورجحت كفة رجال الملك، وتساقط أعداؤهم واحدا فواحدا، وألقى الرعب في قلوبهم أن شاهدوا عن بعد كوكبة من الفرسان قادمة تعدو من ناحية الهضبة المقدسة حاملة المشاعل هاتفة باسم الملك الجليل، فزلزلوا زلزالا شديدا وركنوا إلى الفرار، ولكن كان الذين يقاتلونهم أشداء جبابرة فأمعنوا فيهم قتلا، ولم يبقوا منهم على أحد.
وأحاط الفرسان بعربة الملك، وألقت مشاعلهم ضوءا على الوادي، فظهرت جثث القتلى، وبدت وجوه الرجال الذين دافعوا عن الملك، وقد سالت الدماء الزكية من جباههم وأعناقهم.
وتقدم رئيس الفرسان من عربة الملك، ولما شاهد مولاه واقفا حمد الرب، وقال وهو يجثو راكعا: كيف حال مولانا الملك؟
فترجل فرعون وهو يسند وزيره وقال: فرعون بخير بفضل الأرباب، وشجاعة هؤلاء الرجال ... ولكن كيف أنت يا خوميني؟
فقال الرجل بصوت ضعيف: بخير يا مولاي ... إصابتي في ساعدي، وليست بذات خطر ... فلنصل جميعا شكرا لبتاح الذي أنقذ حياة الملك ...
ونظر الملك فيما حوله فرأى القائد ددف، فقال له: أهنا أنت أيها القائد ددف؟ ... كأنك تأبى إلا أن تدين الأسرة الفرعونية جميعا؟
فانحنى الشاب في احترام عظيم وقال: حياتنا جميعا فداء لمولاي.
Неизвестная страница