قلت: «نعم، متحفز.»
فهز رأسه، فصحت به: «العمى! في بطن أمه!» •••
وذهبت أتمشى، ورأسي عار، ويداي في جيبي البنطلون، وكنت أغني - آمنا - «ما بدها عيطة، ولا بدها زيطة، وقع المقدر، ولبسنا البرنيطة»
1
للزعني أو لعلها ليحيى اللبابيدي، فقد نسيت، وكان الذي أغراني بهذه الأغنية وجرأني على رفع الصوت بها في الجبل الخالي أن لحنها ساذج لا يحتاج إلى جمال في الصوت، وأن الذي سمعته يغنيها ويطرب الناس بها - في الفونوغراف - ليس أرخم مني صوتا، ثم إني كنت أشعر بأني مفتقر في تلك الساعة إلى «البرنيطة» لشدة وقدة الشمس، فأخرجت منديلا وغطيت به رأسي وعقدت أطرافه عليه، ورضيت عن نفسي وعن الدنيا، وأمنت شر هذه الشمس واتقيت غدرها، فانطلقت أغني: «ما بدها عيطة.»
وكنت أمشي على غير هدى، فأبعدت وإذا بكلب يجري ورائي وينبحني، فوقفت وقلت لنفسي: «سبحان الله العظيم!» ودرت على عقبي فواجهته وقلت له: «نعم سيدي؟»
قال: «هاو ... هاو ...»
قلت: «أشكرك ... ولكني أستطيع أن أعرف الطريق وحدي.»
قال: «هاو ... هاو ... هاو ...»
قلت: «الحق معك، وإني لمعترف بخطئي، وأعدك أن لا أغني مرة أخرى، إلا في سري، انتهينا؟»
Неизвестная страница