وقد ينبغى ألا نختدع ويغيب عنا أنا مرات كثيرة قد يعرض أن نقول بأن نظن أنه ليس الأمر الذى يبين أولا كلى، أو عندما نظن أنه قد تبرهن الأول الكلى برهانا. وقد نختدع هذه الخدعة ويغنى عنا هذا المعنى: إما بأنه لا يوجد ولا شىء واحدا يقتضيه هو أعلى غير الأشياء الجزئية والوحيدة، فإما أن يوجد إلا أنه يكون الأمر المحمول على أمور مختلفة بالنوع غير مسمى؛ وإما أن يعرض أن يكون وجوده كالكل فى الجزء فى الأشياء التى يتبين فيها. وذلك أن فى الأشياء الجزئية قد يكون البرهان موجودا وعلى الكل، غير أنه ليس هو لهذا أولا على طريق الكلية. وأعنى بقولى لهذا أن يكون البرهان من طريق ما هو هذا متى كان له أول على طريق الكلية. فإن بين الإنسان أن الخطوط المستقيمة لا تلتقى، فقد يظن أن البرهان هو لهذا الشىء من قبل أنه موجود فى جميع المستقيمة. وليس الأمر هكذا، لأنه ليس بسبب أن هذه هى متساوية على هذه الجهة يكون هذا موجودا، لكن من قبل أنها متساوية كيفما اتفق. — ولو لم يكن مثلث إلا المثلث المتساوى الساقين، لقد كان لظان أن يظن أن البرهان هو له من حيث هو متساوى الساقين، — وأن يكون ما هو يتناسب بالتبديل متناسبا أيضا بما هى أعداد وبما هى خطوط وبما هى مجسمات وبما هى أزمنة، كما كان بينا على كل واحد منها على انفراده. فكان يمكن فى كلها أن يتبين أمرها ببرهان واحد، لكن أما كان ليس يوجد شىء واحد مسمى هو هذه بأجمعها، أعنى الأعداد والأطوال والأزمنة والمجسمات، وهى مختلفة بالنوع، فإنما كان يقتضب كل واحد منها على انفراده. 〈وأما البرهان الآن〉 فبما هو كلى يتبين. وذلك أنه لم يكن البرهان بما هى خطوط أو بما هى أعداد، لكن من قبل الأمر الذى من أجله يضعونه أنه كلى ولهذا السبب. ولا إن بين إنسان أيضا فى واحد واحد من المثلثات ببرهان واحد أو ببراهين مختلفة أن كل واحد من المتساوى الأضلاع على انفراده وغير المتساوى الأضلاع والمتساوى الساقين زوايا كل واحد منها مساوية لقائمتين، يكون قد يعلم أن المثلث زواياه الثلاث مساوية لقائمتين إلا أن يكون على ذلك النحو السوفسطائى، ولا أيضا على المثلث بأسره، ولا أيضا يعلم أنه ولا مثلث واحدا آخر خارج عن هذه. وذلك أنه ليس يعلم ذلك من أمره من طريق أنه مثلث ولا أيضا أن كل مثلث كذلك، لكن إنما يعلم من طريق العدد. وأما بالنوع فليس كل، ولا أيضا إن كان لا يوجد ولا واحد لا نعلمه.
فمتى إذن لا نعلم على طريق الكلى، ومتى يعلم على الإطلاق؟ فنقول إنه من البين أن ذلك إن كان الوجود للمثلث والمتساوى الأضلاع أو لواحد واحد أو لجميعها واحدا بعينه. فأما إن لم يكن الوجود لها واحدا بعينه، لكان الوجود قد يجب أن يكون معنى آخر، فإنه لا يعلم.
Страница 327