Бурхан ви Вуджух Баян

Ибн Вахб аль-Катиб d. 335 AH
174

Бурхан ви Вуджух Баян

البرهان في وجوه البيان

Жанры

والثاني إيحاش أخي النصيحة وإفساد قلبه، إذا رآك قد حصنت سرك دونه، واستظهرت عليه بالمكاتمة له، والعدل في ذلك وصواب الرأي أن تصن أيضا ممن اتهمته، وتغلق باب الأنس بينك وبينه، حتى لا يطلع لك على مكنون، بظن ولا يقين؛ وأن تحترس أيضا ممن لا تثق غاية الثقة به، فلا تطلعه من أمرك على ما تخاف منه بدو سرك، وإذا وثقت الثقة كلها بالإنسان، وكشفت له عن صحة عيبه شواهد الامتحان، فلا عليك أن تطلعه على أكثر أمرك، وعلى ما يصلح أن تطلعه عليه من سرك، فتشتري بما تطلعه عليه أنسه، وتملك به قلبه، وتزيد به في تأكيد الحال بينك وبينه، وتقيس الصواب من مشورته فيما اشتبه عليك من رأيه، فإن الرأي في صدور الرجال كما قال الأول؛ وإنما صار الإنسان محتاجا إلى المشورة، وكان المشير أولى بالصواب من المستشير، لأن المستشير يلقيى من استشاره بقلب فارغ مما قلبه مشغول به، وذهن غير مكدود بما ذهنه مكدود به، فيكون إلى إصابة الرأي أقرب، فليس ينبغي أن يكتفي المستشري بنصيحة المستشار حتى يأنس منع عقلا صحيحا، ورأيا مصيبا، فإن النصيحة من الجاهل غير نافعة، لأن رأيه غير صحيح، والرأي من العاقل الذي لا يوثق بنصيحته غير نافع أيضا لما # لا يؤمن من غشه، فإذا اجتمعت النصيحة والعقل في رجل فحق المستشير أن يصغي إلى قوله، ويعمل برأيه، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الحزم ما هو؟ قال: "أن تستشير ذا الرأي، وتطيع أمره" ومن كانت هذه صورته فليس لك أن تخالف مشورته إلا فيما يبين لك أنه أخطأ وجه الرأي فيه، فإن المستشار مجتهد، والاجتهاد يخطئ ويصيب، فليس على المجتهد أن يصيب، وإنما عليه الاجتهاد في الإصابة، وإذا كنت مشيرا فاعلم أن المستشار مؤتمن، وأن من أشار بغير الحق عنده سلب رأيه، فامحض من استشارك النصيحة وإياك ومقاربته في رأيه المتفق عليه، والتقريب من قلبه إذا كان ذلك مدخلا عليه ضررا في عاجل أمره أو آجله، فإن ذلك من الخيانة، ولا يكرئك كراهيته لقولك فيما أصلحه، فإن الطبيب العالم لا يلتفت إلى كراهية العليل للدواء إذا علم أنه ينفعه، بل يحمله من ذلك ما يبشعه ويحميه، من لذيذ الغذاء ما يشتهيه ويلذه، وإن استشارك عدوك في أمر فانصح له فيه فإنك تجمع بذلك مع تأدية الأمانة في المشورة شيئين:

Страница 233