الرجلان وقد قال في حقهما كلمة : « وإني أخاف شرهما على الأمة وهما معي ، فكيف إذا فرقتهم في البلاد ». (1)
فعند ذلك ثارا على الإمام علي عليه السلام وخرجا عليه واتهماه لتبرير موقفهما بقتل عثمان أو إيواء قتلته ، وكانت نتيجة ذلك اشتعال نار الحرب بين الإمام والرجلين في نواحي البصرة « حرب الجمل » وقتل الرجلين بعد أن أريقت دماء الأبرياء.
ثم إن معاوية قد عرف موقف علي عليه السلام بالنسبة إلى عمال الخليفة « عثمان » ، ومع هذا طلب من الإمام إبقاءه واليا على الشام ، فرفض الإمام ذلك لما يعرف من نفسية معاوية وانحرافه ، ونشبت من ذلك « حرب صفين » ولما ظهرت بوادر الفتح المبين لعلي وجيشه ، التجأ معاوية وحزبه إلى خديعة رفع المصاحف والدعوة إلى تحكيم القرآن بين الطرفين ، فصار ذلك نواة لحدوث الاختلاف في جبهة علي عليه السلام . فمن قائل : نستمر في الحرب وهذه خدعة ومكر ، ومن قائل : نجيبهم إلى ما دعونا إليه. وقد أمر الإمام بمواصلة الحرب ، وقام بتبيين الخدعة ، غير أن الظروف الحاكمة السائدة على جيش الإمام ألجأته إلى قبول وقف الحرب وإدلاء الأمر إلى الحكمين وإعلان الهدنة ، وكتب هناك كتابا حول هذا.
ومن العجيب أن الذين كانوا يصرون على إيقاف الحرب ندموا على ما فعلوا فجاءوا إلى الإمام يصرون على نقض العهد ، والهجوم على جيش معاوية من جديد ، غير أن الإمام وقف في وجههم بصمود لما يتضمن من نقض العهد ( وكان عهد الله مسؤولا ). (2)
وعند ذلك نجمت فرقة باسم الإسلام من جيش علي عليه السلام وطلع قرن الشيطان ، فعادت تلك الجماعة خارجة عن إطاعة إمامهم ، رافضة لحكومته ، ومبغضة إياه كما أبغضت عثمان وعماله ، وهذه الفرقة هي فرقة الخوارج وما زالوا
Страница 56