Буддизм: очень короткое введение
البوذية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
وبالإضافة إلى الكثير من التفاصيل المتشابكة عن الحياة اليومية للرهبان، تتضمن لائحة قواعد الرهبنة الوصايا الأخلاقية الأساسية مثل تلك المتعلقة بحظر إزهاق الأرواح والسرقة والكذب. علاوة على ذلك، تعد السجلات التي ترصد انتهاكات معينة لهذه الوصايا مصدر معلومات ثريا للغاية من الناحية الأخلاقية؛ فكثير من الوقائع التاريخية المذكورة يسلط الضوء اللازم إلى حد كبير على المبادئ الأخلاقية التي تشكل أساسا للقواعد نفسها. وبينما تقدم القواعد الأخلاقية في كتابات بوذا بشكل مقتضب وبقليل من التفسير، يمكن أن نلاحظ في لائحة قواعد الرهبنة طبيعة الجرم المقترف بقدر كبير من الوضوح. إن التعليقات والمناقشات المتعلقة بتفسير قواعد الرهبنة هي أقرب نقطة التقاء بين البوذية وبين مبحث فلسفة الأخلاق، كما أنها تقدم مصدرا مهما للغاية لتوضيح كثير من النقاط الأخلاقية.
ولذلك، يمكن اعتبار الوصايا المتعددة لحياة الرهبنة المذكورة سلفا مزيجا من الوصايا «الأخلاقية» والممارسات الإضافية الهادفة إلى اكتساب رباطة الجأش وضبط النفس. إن العدد الكبير لقواعد الرهبنة يضمن الانصياع والالتزام داخل مجتمعات الرهبان؛ بحيث تكون النزاعات والخلافات في أدنى مستوياتها، ولتقدم الجماعة نفسها باعتبارها نموذجا أخلاقيا مصغرا للعالم ككل.
الوسيلة الماهرة
كان من أهم الابتكارات في أخلاقيات الماهايانا مبدأ الوسيلة الماهرة («أوبايا كوشاليا»). وجذور هذه الفكرة متأصلة في مهارة بوذا في تعليم الدارما، وتظهر هذه المهارة في قدرته على تكييف رسالته مع السياق الذي يقدمها فيه؛ فعلى سبيل المثال، عند التحدث مع البرهمن، يشرح بوذا في أغلب الأحيان تعاليمه في ضوء الإشارة إلى طقوسهم وتقاليدهم، فيقود جمهوره تدريجيا نحو حقيقة المعتقد البوذي. وكونت الحكايات الرمزية والاستعارات والتشبيهات جزءا مهما من أسلوبه التعليمي، وكانت مصممة بمهارة بما يتناسب مع مستوى جمهوره.
طورت الماهايانا هذه الفكرة بطريقة جديدة تماما عن طريق التصريح، في نصوص مثل «سوترا اللوتس»، بأن التعاليم الأولى لم تقدم فحسب بطريقة ماهرة، بل كانت في مجملها «وسيلة ماهرة». وكان لهذه الفكرة انعكاسات معينة على الأخلاقيات؛ فلو كانت التعاليم الأولى مؤقتة وليست مطلقة، لأصبحت الوصايا التي تضمها تلك التعاليم هي أيضا ذات طبيعة مؤقتة وليست مطلقة. وبهذه الطريقة أصبحت القواعد الواضحة والصارمة التي يجدها المرء مرارا وتكرارا في المصادر الأولية التي تحظر أنواعا معينة من التصرفات؛ يمكن تفسيرها إلى حد كبير على أنها تعليمات إرشادية للأشخاص في المرحلة التمهيدية وليست ملزمة على نحو مطلق. واستطاع رهبان البوديساتفا، الأبطال الأخلاقيون الجدد للماهايانا، أن يزعموا أنهم حققوا زيادة في مساحة الحرية والمرونة الأخلاقية اعتمادا على إدراكهم لأهمية الشفقة. ونظرا لتعهد البوديساتفا بإنقاذ كل البشر، فقد سجل كثير من النصوص أدلة واضحة على تذمر البوديساتفا من ضرورة اتباع القواعد والتعليمات التي تبدو كأنها تحول دون تنفيذه لمهمته. وأدت الحاجة إلى كسر القواعد أو تعليقها لصالح الشفقة إلى تأليف نصوص معينة ترسي قوانين سلوكية جديدة لرهبان البوديساتفا تسمح لهم في بعض الأحيان بعدم اتباع الوصايا. وفي الصور الأكثر تطرفا لهذا الأمر، أصبح حتى القتل مبررا لمنع شخص من ارتكاب جريمة شائنة (مثل قتل شخص حظي بالتنوير) سيعاني بسببها القاتل من القصاص الكارمي. وأصبح الكذب أيضا، وغيره من الأمور التي تنتهك الوصايا، مسموحا به في ظروف استثنائية.
الحقوق
على الرغم من ذكر الواجبات، فإنه لم يذكر أي شيء حتى الآن عن الحقوق. إن شعارات مثل «حق الاختيار» و«حق الحياة» و«حق الموت» (في سياق القتل الرحيم) هي العملة الرائجة في الجدل المعاصر. ورغم ذلك، لم تذكر المصادر البوذية الأولى أي كلمة مرادفة لفكرة «الحقوق» على النحو المفهوم في الغرب. وقد ظهر مفهوم الحق في الغرب نتيجة لمزيج معين من التطورات الاجتماعية والسياسية والفكرية لم تتكرر في أي مكان آخر. ومنذ عصر التنوير في القرن الثامن عشر احتل هذا المفهوم الصدارة في المشهد القانوني والسياسي، وقدم لغة سهلة ومرنة يمكن للأفراد من خلالها التعبير عن مطالبهم الرامية إلى تحقيق العدالة. ويمكن تعريف الحق بأنه قوة يمتلكها الفرد ويستطيع استخدامها. وقد تتمثل هذه القوة في فائدة أو استحقاق يسمح لحامل الحق بمطالبة الآخرين أو تحصين نفسه ضد المطالب التي يسعى الآخرون إلى فرضها عليه.
إذا كانت البوذية لا تحتوي على أي مفهوم للحقوق، فكيف يمكن للبوذيين استخدام لغة الحقوق عند مناقشة الأمور الأخلاقية؟ قد يقول البوذي إن لغة الحقوق ليست مستغربة في البوذية؛ لأن الحقوق والواجبات كلتاهما مرتبطة بالآخر. ويمكن اعتبار الحق مقابلا للواجب. فإذا كان «أ» لديه واجب تجاه «ب»، فإن «ب» يقف في موقف المستفيد وله «حق» في أي نوع من أنواع المنفعة الصادرة عن أداء «أ» لواجبه. وعلى الرغم من أن الحقوق ليست مذكورة صراحة في المصادر البوذية، فمن الممكن اعتقاد أنها مذكورة بطريقة ضمنية في فكرة الواجبات الدارمية. فإذا كان من واجب الملك أن يحكم بالعدل، فإذن يمكن القول بأن للمواطنين «الحق» في معاملة عادلة. وبقدر أكبر من التعميم، إذا كان من واجب الجميع ألا يزهقوا الأرواح، فإن كل الكائنات الحية تتمتع بحق الحياة؛ وإذا كان من واجب الجميع الامتناع عن السرقة، فللجميع الحق في ألا يحرموا ظلما من ممتلكاتهم؛ وبذلك يمكن القول إن مفهوم الحقوق مذكور بطريقة ضمنية في الدارما، وأن الحقوق والواجبات تشبهان فرصتين منفصلتين تؤديان إلى تحقيق المصلحة العامة على صعيد العدالة.
حقوق الإنسان
تضع مواثيق حقوق الإنسان المعاصرة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948، قائمة بالحقوق الأساسية التي يجب أن يمتلكها كل البشر دون تمييز على أساس العرق أو المعتقد. وكثير من البوذيين ينضم إلى مثل هذه المواثيق، وفي أغلب الأحيان يمكن السماع عن قادة بوذيين، مثل الدالاي لاما، يتبنون المبادئ التي تجسدها هذه المواثيق. ويبدو أن المصادر البوذية الأولى تنبأت ببعض هذه الحقوق؛ فمثلا يمكن رؤية أن حق عدم الاستعباد موجود في حظر قانون بالي الاتجار في الأحياء (كتاب أنجوتارا). ويمكن القول أيضا إن حقوق الإنسان الأخرى مذكورة على نحو ضمني في الوصايا البوذية؛ فعلى سبيل المثال، حق عدم التعرض للقتل أو التعذيب يمكن اعتبار أنه مذكور ضمنيا في الوصية الأولى.
Неизвестная страница