Светлые слова в призыве к Аллаху
كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله
Издатель
مطبعة السلام
Номер издания
الأولي
Год публикации
٢٠٠٥ م
Место издания
ميت غمر - مصر
Жанры
كلمات مضيئة
في الدعوة إلي الله
بقلم
محمد على محمد إمام
مراجعة
الشيخ / على سعد أبو الخير
طبعة مزيدة ومنقحة
1 / 1
دار الكتب والوثائق القومية
بطاقة فهرسة
فهرسة أثناء النشر إعداد الهيئة العامة لدار الكتب المصرية
إدارة الشئون الفنية
كلمات مضيئة في الدعوة إلي الله
إعداد / محمد على محمد إمام ... ميت غمر
الطبعة الأولي ٢٠٠٥
عدد الصفحات (٥٦٦ صفحة)
المقاس (١٨ × ٢١ سم)
رقم الإيداع: ١٧٩٩١/ ٢٠٠٢
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
1 / 2
تقديم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده ..
بالدعوة إليه ﷾ نتعرف عليه، ونحبه أكثر من أنفسنا وأولادنا حينما نبذل نعمه التى أعطانا إياها فى النفير فى سبيله ندعو الناس إلى حبه والعمل بما أنزل وبذلك نكون أتباعًا بحق للأنبياء نحيي ملة أبيهم إبراهيم ﵇ ونقيم دين خاتمهم محمد ﷺ الذى حملنا المسئولية من بعده ولا نبى بعده ولكن أهل الإسلام يريدون العمل بالحلال والبعد عن الحرام وتجنب البدع والشركيات دون تحمل أعباء وتكاليف هذه الدعوة التى تحقق لك التوحيد الكامل وليس بدايات التوحيد بل كماله فنمشى على ضوء القرآن:
١) زيارات مثنى .. مثنى .. مثل موسى وهارون ﵉ إلى الطالح والصالح.
٢) بعوث دعوية جماعية على غرار سورة يس ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ
1 / 3
فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُون﴾ (١) جاءوا دون طلب من أهل القرية وهذا هو الجهد الأعلى التى تبذل فيه ماء الوجوه وتتنازلون فيه عن أعراضكم إذا قابلكم الناس كما قابلوا الأوائل بقولهم ... ﴿قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ﴾ (٢) فصبروا وتحملوا وواصلوا الدعوة رغم التهديد هذا هو التوحيد (العملى) تثق بأسماء الله وصفاته (عمليًا) الكلام عنها والكتابة والإجابة أسهل ألف مرة من الاستفادة منها على أرض الواقع وبذلك نصبح من أهل القرآن وأهل العلم وأهل السنة وتكون حياتنا وقراراتنا على طريق الأنبياء ﵈، أمر الله أعظم من كل أمر.
فواحزناه على شباب صالح يحمل دراسات كثيرة ولكن لا يشارك فى إحياء هذه البعوث التى نطالب مساجد المسلمين بإقامتها كما كانت فى العهد النبوى علمًا وعملًا، وهذا هو ما يرجى من الأمة المسلمة الآن وهذا ما يستطيعه الجميع حتى يزداد الإيمان فإن كنت تعلم أن الإيمان يزيد وينقص ولا تعمل على زيادته حتى يرضى عنك الله ﷾ فمتى تستفيد من هذه
_________
(١) سورة يّس - الآيتان ١٣، ١٤
(٢) سورة يّس - الآية ١٥
1 / 4
المعلومة البديهية؟ التى هى بمثابة المدرس الذى يعلم التلاميذ أن ٢ × ٢ = ٤ ويحفظون جدول الضرب ولا يمارسون بقية الرياضيات.
الله ﷿ يريد منا توحيدًا باللسان يؤثر فى القلب وتتحرك به الجوارح ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّه﴾ (١) ولئن عجز المسلمون الآن عن مقدمة سورة الصف فلا يعجزون عن آخرها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ﴾ (٢) وانطلق المسيح وحواريوه يدعون بنى إسرائيل - الذين كانوا مسلمين وانحرفوا عن طريق الأنبياء - كما هو المطلوب الآن وهذه قاعدة عند أهل السنة: إن عجزت عن أمرٍ فجاوزه إلى ما تستطيع (٣).
وإن من تلبيس إبليس أن يزعم بعضنا أن الدعوة للكفار وليس للمسلمين، بل للنوعين معًا. وبسبب هذا الكلام المخالف للحق تكاسل المسلمون عن دعوة بعضهم فكثر بينهم الشر وضعف إيمان المتحدثين عن الإسلام لأنهم اكتفوا بالفكرة (الطباعة والإذاعة) وتركوا السنة (الحوار المباشر وعرض النفس وبذل المال والوقت وماء الوجه وكل النعم فى إرضاء المنعم الذى لا يرضى إلا باتباع السابقين الأولين).
_________
(١) سورة الزمر - من الآية٢٣
(٢) سورة الصف - من الآية١٤.
(٣) القاعدة (٥١) من القواعد الحسان لفهم القرآن - للعلامة ابن ناصر السعدى.
1 / 5
﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (١) ليس لنا فى مجال الدعوة والصبر عليها سلف سواهم أما سلفنا فى علوم العقيدة والأحكام والفتوى طابور طويل من الأئمة الثقات الذين قاوموا البدع الشركية والفرق الضالة أما فى مجالات الجهد والزهد فلا نقتدى إلا بالصحابة فقط لأن رضاء الله ﷿ يرتبط باتباعهم بإحسان أى على أحسن ما كانوا يعملون وهذا من القول الفصل قرآنًا وسنة.
وسيكون العلم النافع متدفقًا حينما نعود إلى المدرستين:
١) دار الأرقم فى مكة
٢) ومسجد الرسول ﷺ فى المدينة
فما بالنا انشغلنا عن القرون الفاضلة الثلاثة الأولى بالقرن الخامس والسابع .... والثانى عشر والرابع عشر؟ نحترم كل العلماء الثقات ونأخذ عنهم ونحبهم ولكن نضعهم فى رتبة أقل من الصحابة عند الدعوة والبذل لله فيصبح قدوتنا التى لا تتغير منحصرة فى: إبراهيم وآل إبراهيم، محمد وآل محمد .. وآل إبراهيم هم جميع الأنبياء وخاتمهم محمد ﷺ وآل محمد هم
_________
(١) سورة التوبة - الآية ١٠٠.
1 / 6
الصحابة ومن سار على نهجهم نأخذ العلم الموثق عن فلان ولا ننظر إلى حياته بل ننظر إلى الصحابة الذين رضى الله عنهم.
ولا ندعو الناس إلى إمام واحد غير النبى وخلفائه ولا ندعو الناس إلى جمعية خيرية بعينها بل نحب كل جمعية خيرية تخدم المسلمين وليس فى عقيدتها دخن ونتعاون معهم على قدر النور الذى يحملونه، ونصحح لبعض الأخطاء .. نتكامل ولا نتفاضل .. نتساند ولا نتعاند .. ولا نعقد الولاء والبراء إلا للشريعة الغراء والسنة المشرفة ونعتبر المسلمين الذين يهتمون بأمر الإسلام ويجعلونه مقصد حياتهم عملةً نادرة لابد من المحافظة عليها مع التصحيح المستمر بنية النصيحة لا الفضيحة .. تصحيحًا لا تجريحًا .. لأنهم أبناء الإسلام - الذى لا شرك ولا بدعة فيها - وهم أفضل بكثير من المسلمين المستهترين بالدين والمستهزئين بأهله والذى لم يشارك فى دعوة الجماهير لا يعرف ذلك والذى يكتفى بالحديث إلى الصالحين ولا يدعو الظالمين لا يدرك ذلك.
فكل من رضى بالله ربًا لم يطلب من غيره العون والمدد ورضى بمحمدٍ رسولًا فلم يجعل قدوته شيخًا أو إمامًا، ورضى بالإسلام دينًا يشعر بالغيرة عليه فهو من جماعة المسلمين وإن شرب الخمر، ندعوه إلى التوبة ثم ندعو جميع من تخلص من الكبائر والمعاصى أن يتوبوا من الانشغال بالحلال
1 / 7
فإنه ذنب يحتاج إلى توبة ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ (١).
الانشغال بالمال (الوظيفة والورشة والمزرعة) والأهل (زوجه - أولاده) عن الدعوة ذنب يحتاج إلى مغفرة وبذلك يكتمل تعريف التوبة وتعريف الفقه وتعريف التوحيد الخالص.
ولابد من إحياء كل عمل جماعى - فى مقدورنا - كان فى العهد النبوى وإلا سنحاسب عن ذلك وبذلك يتحول الدعاء إلى عمل ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾ (٢) فلنستجب لله حتى يستجيب لنا.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ (٣) يرشدون باستجابتهم لله واتباعهم للخلفاء الراشدين الذين هداهم الله لأرشد أمورهم لأنهم كانوا يتشاورون كيف ينصرون هذا الدين وينشروه بين الناس يبتغون بذلك وجه الكبير المتعال الحى القيوم.
_________
(١) سورة الفتح - من الآية١١.
(٢) سورة البقرة - من الآية١٨٦.
(٣) سورة البقرة - الآية ١٨٦.
1 / 8
اللهم ردنا وجميع المسلمين المريدين للحق إلى الإسلام المحمدى الأصيل الذى كان فى المدرستين: (دار الأرقم بمكة. . مسجد الرسول ﷺ بالمدينة).
وهذا الإسلام يسر لا عسر ومادته العلمية فى متناول كل مسلم حتى لو كان أميًا ولكنه يحمل قلبًا شغوفًا بالتلقى عن الوحى ويتحمل مسئولية هذا الإرث ويبلغ ما سمع ووعى حتى لو كان قليل البضاعة فإنها بذلك ستزيد ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (١) العلم الذى ينبغى تبليغه للناس أى القرآن والسنة وليس الآراء والخلافات التى ليس فيها نص قاطع.
" رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " لو كان الأفقه منه منكسرًا لله مفتقرًا إليه " ورب حامل فقه ليس بفقيه " لو عادت الأمة إلى صفات الصحابة تشجع كل ناصح ولا تعنفه بقولة فرعون ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ﴾ (٢) وشتان بين المذيعين وبين صانعى الحدث، فالصحابة بذلوا ونحن نتحدث عنهم فهلا نجيد العمل الصالح مثلهم وأعظم الأعمال الصالحة استمالة قلوب العباد إلى رب العباد وهذا يأخذ جهدًا أكثر من مجرد النهى عن المنكر والأمر بالمعروف والكل مطلوب، ولكن على منهج السابقين الأولين.
_________
(١) سورة طه - من الآية١١٤.
(٢) سورة الزخرف - الآية ٥٢.
1 / 9
انظر إلى المحدث العظيم الصحابى الجليل جابر بن عبد الله فى الصحيحين يخرج مع النبى وقد تزوج حديثًا والنبى لا يعلم بذلك وترك له أبوه سبعة من البنات وليس معهم رجل وترك له ديونًا أليس مثل هذا الرجل يجز له أن يعتذر عن ذلك العمل الثقيل على النفس، فهؤلاء سلفنا فى البذل والعطاء: الله أكبر من كل شئ، وصلوا إلى كمال التوحيد: اليقين بوعد الله فلما أنفقوا من راحتهم وأخروا ديناهم من أجل دينهم مكن الله لهم وهذه هى الكرامة ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (١)، ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ (٢) رغم أن هذا الرجل استهزئ به وضرب حتى الموت فى بلده ووسط أهله.
ولقد تشبه أبو بكر بمؤمن آل فرعون وتشبه عروة بن مسعود بمؤمن سورة يس.
هكذا كان الصحابة أهلًا للقرآن يعملون به، كانوا قرآنًا يمشى على الأرض، وأثبتوا لنا أن قصص القرآن لابد أن يتكرر فى كل زمان ومكان وبالدعوة ستكرر الكرامة وستكون العزة خلف سيدنا محمد رسول الله ﷺ الذى كان يعرض نفسه على القبائل ولم يكتف بدعوة عشيرته الأقربين كما يريد المرجئة الجدد بل كان يخرج فى نفر من أصحابه إلى سوق عكاظ الذى
_________
(١) سورة الحجرات - من الآية ١٣.
(٢) سورة يّس - الآيتان ٢٦، ٢٧.
1 / 10
كان ينعقد مرة كل عام ثم يتلوه سوقان آخران وذلك فى شهور الحج شوال - ذو القعدة - ذو الحجة، وقد روى البخارى عن ابن عباس أنه لما كان فى عكاظ يصلى الفجر بأصحابه آمن أول طائفة من الجن ودعوا إخوانهم إلى الإسلام دون أن يأخذوا إجازة من النبى ﷺ لأن الإجازة فى الفتوى ليست فى الدعوة ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ (١) إذا كان الإنس لا يستجيب، فقد يهتدى الجن بإخلاصك، وأنت لا تدرى.
السؤال: لماذا كان النبى ﷺ يذهب إلى سوق عكاظ ومعه أصحابه؟
لعلهم يجدون من يقف معهم ويحمل الأمانة وكان المستجيب يتعلم قيام الليل والقيام بالدعوة نهارا ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ (٢) ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ (٣) مما حدا بكل مسلم جديد أن يصبح داعية فى قومه ثم انتظم الجميع بعد الهجرة فى جيوش تدعو وتقاتل وفى بعوث تدعو ولا تقاتل، هذه سنة وهذه سنة فإن عجز المسلمون عن الأولى فلا يعجزون عن الثانية.
ولله الحمد وحده: نجح المسلمون فى العصر الحديث فى موادٍ كثيرة .. مثل اللحية والنقاب وصلاة العيد فى الخلاء والاعتكاف فى العشر الأواخر ..
_________
(١) سورة الأحقاف - الآية ٢٩.
(٢) سورة المزمل - من الآية٢.
(٣) سورة المدثر - الآية ٢.
1 / 11
وغيرها من الخيرات وبقيت المادة الأولى التى تعلمها الصحابة فى أول يوم .. وهى الدعوة إلى الله ﷾ .. عليها تربوا ونزل كل القرآن فى مكة والمدينة يؤكدها ويحكى عن الأنبياء وأقوامهم.
- س: فماذا كانت مادة الدعوة التى تقال وتعرض؟
ج: انظر كتاب الله ﷾ ستجد ما قاله كل نبى لقومه .. نعم الله لا تحصى وأولها أنه خالقهم ورازقهم ولكن الناس لا يبصرون ولا يعرفون ربهم حقًا فيا من نزل عليه القرآن ويا من تقرأ القرآن بيَّن للناس عظمة ربك وكبره تكبيرا ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ (١) ولا تسب أصنامهم واذهب إليهم بنفسك وجهًا لوجه وتحمل وستجد المعرضين مثل أبى جهل وستجد المقبلين مثل أبى بكر.
- يا علماء الأمة أحيوا هذه السنة .. وابذلوا من أوقاتكم لإحيائها وتصحيح الأخطاء فتعود المساجد إلى رسالتها الأولى دعوة للمعرضين وتعليمًا للمقبلين .. خطان متوازيان وكذلك يا كل مسلم: احرص على مجالس تفسير القرآن وقصص الأنبياء وشرح البخارى ومسلم، على العلم الذى ينفع للدعوة واحرص أيضًا على نوبتك فى بعوث الدعوة فى خطين متوازيين .. الدروس مع البعوث والدعوة الانفرادية لا تغنى عن الدعوة الجماعية متعاونين كما لا تغنى صلاة النافلة عن صلاة الجماعة.
_________
(١) سورة المدثر - الآية ٣.
1 / 12
- وهذا الكتاب الذى بين أيدينا .. يلقى المزيد من الضوء على هذا العلم المهمل المظلوم - علم الدعوة - وهو علم لا ينسخ نأخذه من قصص الأنبياء جميعًا. فالكتاب والشريط من وسائل الدعوة الجميلة ولكن تبقى الطريقة النبوية هى الطريقة المثلى للدعوة إلى الله ﷾ وتحمل أذى الناس رغم أننا ضيوف عليهم ذهبنا إليهم بأنفسنا ونتحين الفرصة المناسبة ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ (١) ولا نسألهم أجرًا .. فإن شتمونا أو احتقرونا بجهلهم نعذرهم كما فعل النبى ﷺ ونرجوا لهم الهداية وهذه سنة نبوية قلبية لا ينالها إلا المخلصون.
- وهذا العلم العظيم العريق .. علم الدعوة .. يفهم عمليًا بالبعوث ونظريًا بالبحوث والدروس .. فشكر الله لأخينا محمد على إمام الذى صنف هذا الكتاب ورزقه حسن النية حتى ينفع الله المسلمين به بفضل الله وكرمه على المفتقرين إليه ... آمين .. آمين
الشيخ / على سعد أبو الخير
* * * *
_________
(١) سورة الأعلى - الآية ٩.
1 / 13
مقدمة
الحمد لله الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ... وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين .. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أفضل من بعث بالرسالة واشتكت إليه الغزالة وكلمه الحجر وآمن به المدر وانشق له القمر ولبى دعوته الشجر واستجار به الجمل وشكا إليه شدة العمل وحن إليه الجذع ودر عليه يابس الضرع وسبحت فى كفه الحصباء ونبع من بين أصابعه الماء.
، ... أما بعد ...،
أكتب هذه الرسالة من منطلق قول ربنا ﷿ ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (١).
لمن؟
إلى كل نفس مؤمنة تتطلع شوقًا إلى رؤية راية الإسلام خفاقة على
_________
(١) سورة الذاريات - الآية ٥٥.
1 / 14
ربوع العالم.
إلى كل نفس مؤمنة تتطلع شوقًا إلى رؤية شمس الإسلام تشرق من جديد تأخذ بيد البشرية الضالة المتحيرة ببعدها عن منهج الله ويتجه بها: من .. الظلمات إلى النور .. ومن الجهل إلى المعرفة .. ومن الباطل إلى الحق .. ومن الشر إلى الخير .. ومن الشقاء إلى السعادة .. ومن الضلالة إلى الهداية .. ومن الخوف والقلق والحيرة إلى الأمن والطمأنينة .. ومن الأثرة والأنانية إلى الإيثار والتضحية .. ومن التناكر والتخالف إلى التعارف والتآلف .. إلى كل نفس تريد حمل أمانة الدعوة إلى الله ﷿ وتحمل أعباء الجهد والتضحية، لإعلاء كلمة التوحيد.
فى هذه الآونة التى التبس فيها الحق بالباطل .. والمعروف بالمنكر .. والخير بالشر .. وكل يوم تعرض الفتن على القلوب، فما يفيق المسلمون من فتنة حتى يقعوا فى غيرها، فأصبح المسلم تائهًا لا يدرى ماذا يفعل ..؟ ولا يدرى ما وظيفته ..؟ وما مقصده فى هذه الحياة ..؟
وللأسف مالت الأمة عن طريق الحق والنور الذى أراده الله ﷿ للبشرية كما قال الله ﷿: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ (١)
_________
(١) سورة النساء - الآيتان ٢٦، ٢٧.
1 / 15
فأخذت الأمة طريق اليهود والنصارى وتركت طريق الرسول الكريم ﷺ وتمزقت وأصبحت الأمة ليست أمة لأن كل واحد فى الأمة أصبح له مقصد مختلف.
فهذا مقصده المال .. وهذا مقصده الجاه .. وهذا مقصده المنصب .. وهذا مقصده الأولاد .. وهذا مقصده الزراعة .. وهذا مقصده التجارة .. وهذا مقصده الصناعة .. وكثير جعل الدنيا مقصده وهى لا تغنى من الله شيئا.
ولكن الأمة .. هى التى مقصدها واحد وفكرها واحد ومنهجها واحد.
فلنقف ولنتساءل: ماالعلاج؟!
العلاج فى التعرف على الله ﷿ .. العلاج فى رجوع الأمة إلى دينها وجهد نبيها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .. العلاج فى خروج الأمة فى سبيل ربها لحمل أمانة دينها .. والتعرف على ذلك يتم من خلال قراءتك لهذه الرسالة، راجيًا الله ﷾ أن ينفع بها كل من وعى حقيقتها .. وتكون شمعة نحو إضاءة طريق الحق والخير والسلام .. آمين .. آمين .. آمين ..
محمد على محمد إمام
* * * * *
1 / 16
البشارة بالرسول الخاتم ﷺ
وأمته فى الكتب المتقدمة
عن عطاء بن يسار قال، لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ فقلت أخبرني عن صفة رسول الله - ﷺ فى التوراة قال: أجل والله إنه لموصوف فى التوراة ببعض صفته فى القرآن ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ (١) وحرزًا للأميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخَّاب (٢) فى الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله فيفتح بها أعينًا عُميا وآذانًا صُما وقلوبًا غُلفا" (أخرجه البخارى والإمام أحمد) (٣).
_________
(١) سورة الأحزاب - الآية ٤٥.
(٢) سخًّاب: أى كثير الصخب وهو الذى يرفع صوته فى الأسواق.
(٣) مشكاة المصابيح - باب فضائل سيد المرسلين ٣/ ١٦٠٢.
1 / 17
وقال وهب ابن منبه: إن الله تعالى أوحى إلى نبى من أنبياء بنى إسرائيل يقال له (شعياء) أن قم فى قومك بنى إسرائيل فإنى منطق لسانك بوحى وأبعث أميًا من الأميين أبعثه ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب فى الأسواق، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشى على القصب لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرًا ونذيرًا لا يقول الخنا، أفتح به أعينًا كمهًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا، أسدده لكل أمر جميل وأهب له كل خلقٍ كريم وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خُلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدى به بعد الضلال، وأعلَّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأُعرف به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين أمم متفرقة، وقلوب مختلفة وأهواء متشتتة، وأستنقذ به فئامًا من الناس عظيمة من الهلكة، وأجعل أمته خير أمه أُخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين لما جاءت به رسلى، ألهمهم التسبيح والتحميد والثناء والتكبير والتوحيد فى مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصلون لى قيامًا وقعودًا، ويقاتلون فى سبيل الله صفوفًا وزحوفًا، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتى ألوفًا يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب فى
1 / 18
الأنصاف (١)، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم فى صدورهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، وأجعل فى أهل بيته وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين أمته من بعده، يهدون بالحق وبه يعدلون، وأعز من نصرهم، وأؤيد من دعا لهم، وأجعل دائرة السوء على من خالفهم أو بغى عليهم أو أراد أن ينتزع شيئًا مما فى أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم الخير الذى بدأته بأولهم ذلك فضلى أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم ". (أخرجه ابن أبى حاتم عن وهب) (٢).
وذكر وهب بن منبه فى قصة داود ﵇ وما أوتى إليه فى الزبور:
يا داود: " إنه سيأتى من بعدك نبى اسمه أحمد ومحمد صادقًا سيدًا، لا أغضب عليه أبدًا، ولا يغضبنى أبدًا، وقد غفرت له قبل أن يعصينى ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت عليهم الفرائض التى افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتونى يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أنى افترضت عليهم أن
_________
(١) إشارة إلى ما رواه أبو سعيد الخدرى ﵁ قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل ذلك ففى النار - قال ذلك ثلاث مرات - ولا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرًا .. " رواه أبو داود وابن ماجة (مشكاة المصابيح - كتاب اللباس - ٢/ ١٢٤٣).
(٢) مختصر تفسير ابن كثير - سورة الأحزاب – ٣/ ١٠٢.
1 / 19
يتطهروا إلى كل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم.
يا داود: إنى فضلت محمدًا وأمته على الأمم كلها، أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم:
- لا آخذهم بالخطأ والنسيان.
- وكل ذنب ارتكبوه على غير عمد إن استغفرونى منه غفرته لهم.
- وما قدموا لآخرتهم من شئ طيبة به أنفسهم جعلته لهم أضعافًا مضاعفة وأفضل من ذلك.
- وأعطيهم على المصائب فى البلايا إذا صبروا وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم، فإن دعونى استجبت لهم فإما أن يروه عاجلًا وإما أن أصرف عنهم سوءًا وإما أن أدخره لهم فى الآخرة.
يا داود: من لقينى من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له صادقًا بها فهو معى فى جنتى وكرامتى، ومن لقينى وقد كذب محمدًا أو كذب بما جاء به واستهزأ بكتابى صببت عليه فى قبره العذاب صبا، وضربت
1 / 20