سد الذرائع في مسائل العقيدة
سد الذرائع في مسائل العقيدة
Издатель
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Номер издания
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤)
Год публикации
١٤٢٢هـ/٢٠٠٢هـ
Жанры
المبحث الرابع: نهى المؤمنين عن مخاطبة النبي ﷺ بلفظ "راعنا"٠
كان المؤمنون يقولون كلمة "راعنا" للنبي ﷺ ويقصدون بها معنى صحيحا وهو: راعنا سمعك، أي اسمع لنا ما نريد أن نسأل عنه، ونراجعك فيه القول لنفهمه عنك، ولكن اليهود كانوا يقولونها ويقصدون بها الحط من مقام النبي ﷺ فكانوا يقولون:"راعنا"، من المراعاة، وهى تقتضى المشاركة في الرعاية، أيس: ارعنا نرعك، وفى خطاب النبي ﷺ بذلك من سوء الأدب ما هو ظاهر، أو أنهم كانوا يميلون ألسنتهم في نطق هذه الكلمة لتؤدى معنى آخر مشتقا من الرعونة فنهاهم الله ﷿ أن يقولوا لنبيه ﷺ هذه الكلمة سدَّا لذريعة الانتقاص من قدره ﷺ وأمرهم أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أفضلها٠
قال ابن تيمية:"إنه سبحانه منع المسلمين من أن يقولوا للنبي ﷺ "راعنا" مع قصدهم الصالح لئلا يتخذه اليهود ذريعة إلى سبه ﷺ، ولئلا يتشبه بهم، ولئلا يخاطب بلفظ يحتمل معنى فاسدا"١٠
وقال ابن كثير:"نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالتهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يُعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقص – عليهم لعائن الله -، فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا ٠ يقولون: راعنا، يورون بالرعونة، كما قال تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾ ٢، وكذلك جاءت الأحاديث بالأخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون:"السام عليكم" والسام هو: الموت، ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ "وعليكم" وأنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا"٣٠
١ مجموعة الفتاوى الكبرى جـ٣ / ١٤٤. ٢ النساء / آية: ٤٦. ٣ تفسير ابن كثير جـ١ / ٢١٣.
1 / 242