سد الذرائع في مسائل العقيدة
سد الذرائع في مسائل العقيدة
Издатель
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Номер издания
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤)
Год публикации
١٤٢٢هـ/٢٠٠٢هـ
Жанры
بين الطرفين المذمومين، والعدل: هو بين طرفي الجور والتفريط، والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها، فخيار الأمور أوساطها٠
قال الشاعر:
كانت هي الوسط المحمى فاكتنفت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفا١٠
وقد كان الغلو هو سبب عبادة الأصنام وحدوث الشرك في الأرض كما جاء في البخارى عن ابن عباس – ﵁ في قول الله تعالى: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ ٢ قال: "أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ ٣ العلم عبدت"٤٠
فهؤلاء كما جاء في الحديث غلوا في هؤلاء الصالحين لماَّ صوروا صورهم ونصبوها في مجالسهم، وكان الدافع لهم إلى ذلك – في زعمهم- أن ينشطوا ويجتهدوا في الطاعة والعبادة ويسلكوا سبيلهم ولكن آل الأمر بعد طول الأمد وغلبة الجهل ووسوسة الشيطان إلى عبادتهم من دون الله ﷿، وقد ساق ابن جرير الطبري بإسناده إلى محمد بن قيس أنه قال:"كانوا قوما صالحين من بنى آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال:"إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم"٥٠
_________
١ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان جـ١ / ١٨٢.
٢ نوح / آية: ٢٣.
٣ يعنى تحول وتغير ونسى بسبب ذهاب العلماء٠
٤ البخاري كتاب التفسير جـ٨ /٦٦٧.
٥ جامع البيان في تفسير القرآن جـ٢٩ / ٦٢.
1 / 199