334

Бисмарк

بسمارك: حياة مكافح

Жанры

1

فلا يحق لي أن أبدي حراكا، ولكنني في عزلتي أستطيع أن أداوم على خدمة وطني، والآن أجدني طليق اليدين أكثر مما كنت عليه من بعض الوجوه، والآن وقد خلوت من العوائق الإدارية أقدر في الخارج على الدعاية في سبيل السلم التي ما انفكت تكون غايتي الوحيدة منذ عشرين سنة.»

وهكذا يسير اكتراثه لتراثه مع عدائه لخلفائه وشوقه إلى الانتقام من الطاعنين فيه، ويسترد المبعد في العقد الأخير من عمره سلطانه على الرأي العام الذي أضاعه في السنين السابقة، وهو لكي يصل إلى هذه الغاية يلوح له أن يسوغ جميع صنعه بما يطيب له من الوسائل، وهو يرى أن يلقي إلى الصحف بواسطة خلصائه ما لديه من كتب مهمة من ولهلم الأول، فيحمي نفسه من مثل ما أصاب به أرنيم بأن يقال عند الضرورة مثلا إن بعض هؤلاء الخلصاء لا بد من أن يكون قد استنسخ تلك الرسائل عند تقليبها ضيفا في فردريكسروه، وهذا إلى قوله إن الكتب الخاصة التي أرسلها إلى الملك هي ملك أدبي له، «فما يكون من إدماج الأفكار الواحدة في الرسائل لا يجعل لها صفة رسمية.» ويبوح بسمارك بأمور أخرى إلى هاردن الذي دعاه إليه بعد أن قرأ مقالاته والذي كان محل سره وموضع صداقته في سنين.

وبسمارك - خلافا لما يظن في البداءة - لم يتصرف في صحف كثيرة في أول اعتزاله، فكان معظم الجرائد الألمانية يخشى مجازفة الاتصال به، وبسمارك لم يستقبل في الأشهر الأولى غير صحافيين من الأجانب مع ذلك، وجريدة هنبرغرنخريختن وحدها هي التي فتحت صدرها للمستشار السابق، فظلت أكثر الصحف الألمانية طرافة عدة سنين، ويملي بسمارك مقالات كثيرة لها، ويوحي بسمارك بغير قليل من المقالات إليها، حتى صار الناس يعدونها مونيتور

2

فردريكسروه، وقد تصدت جريدة هنبرغر تلك لجريدة «رايخسانزيجر» في الأزمتين أو الأزمات الثلاث التي حدثت في تلك السنوات.

وبسمارك بعد عامين من سقوطه يواجه خطبا جللا، وبيان الأمر:

أن الأمة التي بعدت منه منذ زمن طويل صارت تعود إليه بعد عزله، وتغدو تلك الأحوال معلومة بالتدريج فيسفر ذلك عن عزيف رياح وعن إثارة عواطف كثيرة، ويأخذ بسمارك - في الأيام القليلة الأولى - أكثر من ستة آلاف برقية حمد وثناء، وتتبنى مدينة همبرغ الحرة قضية جارها الجديد، وتستقبله استقبالا باهرا، وفيما كان يمر راكبا عربته من الشوارع المزينة بالأعلام إذ يهرع إليه ملاح إنكليزي وهو يقول: «أريد أن أصافحك!» ولا ريب في أن هذه هي المرة الأولى التي يصافح فيها إنسانا من العوام، ولم يحدث قبل ذلك أن دعا فلاحا إلى مائدته، والآن يدعى إلى الغداء معه فلاحان حمسان من شونهاوزن؛ لما أبدياه من تقديس مؤثر له، ويلخص هربرت الوضع بعبارته البارعة: «إنهم يعدونك ضمانا لهم، والحق معهم.»

وتظل هذه الحوادث منعزلة لكبير وقت، حتى إن المنفي بعد عامين؛ أي في أواخر شهر مايو سنة 1892، استطاع أن يقول: «أجل، إنني خدعت في أمر الشعب الألماني، وهذا الشعب لم يدرك أن الذي يدفعني إلى الانتقاد هو قلقي العظيم حول مستقبل الإمبراطورية الذي يقض تفكيري في أمره مضاجعي، لا ما يظن؛ من ضغينة ولا حب انتقام ولا أمل في العود إلى السلطان.»

وما كان ليقول مثل ذلك بعد أسبوعين، ويصبح هربرت خاطبا لوارثة نمسوية مثرية وفق رغبة أبيه، ويرى بسمارك أن يذهب إلى فينة ليحضر العرس، ويلتمس مقابلة فرنسوا جوزيف فيقال له إنه سيرحب به، بيد أن ولهلم وأعضاء بلاطه يخشون أن يكون المستشار السابق حاملا مقاصد سيئة، ويئز

Неизвестная страница