317

Бисмарк

بسمارك: حياة مكافح

Жанры

ومن الصحيح أن يعتقد بسمارك أن مراسيم الإمبراطور المشوشة أعانت - بعض الشيء - على ذلك السقوط الانتخابي، ومن الخطأ زعمه أن نتائج الانتخابات تكون كما كانت عليه منذ ثلاث سنين لولا تلك المراسيم، ولم يزل أمله؛ فقد أبصر تجدد الكفاح، ويزول ضعفه، ويشمر عن ساعده لما رآه من خطر يحيط بالدولة، ويصقل سلاحه، ويقوم سلاحه هذا على إنقاذ الوضع بتشديد أحكام القانون المضاد للاشتراكية وتقوية الجيش، ويقول للإمبراطور: «سيكون حل المجلس مرة أو مرتين أمرا ضروريا، وندعو أمراء الريخ إلى برلين عند الاقتضاء، ونضيق نطاق التصويت العام، وهنالك تضيق الجماهير بالإضرابات والانتخابات ذرعا فلا ترتاح لهما، وقد تشتعل بعض الفتن، فيكون لنا بذلك من الفرص ما يصفى به الحساب مع الديمقراطية الاشتراكية، والنجاح لا يزال ممكنا، ولا يزال عندي من القوة والثقة ما أقوم معه بذلك، وسيتعذر ذلك بعد حين، فلا إذعان!»

وعلى ذلك الوجه يتكلم المكافح القديم، والآن كما كان منذ ثلاثين سنة يود أن يقضي على روح الوقت، وليس الإمبراطور الشاب أكثر صداقة للشعب من بسمارك، ولكنه «وهو كاره لاستعمال القوة»، يجيب عن ذلك بقوله: «إنك تبدي من النصائح ما يستحيل على عاهل شاب أن يرضى به!»

بسمارك :

لا بد لنا ولكم من إنزال الضربات، وعاجلها خير من آجلها! ولن تستطيعوا أن تقضوا على الاشتراكية الديمقراطية بسياسة الإصلاح، وسيأتي يوم تكرهون فيه على سحقها بالبنادق.

وهكذا يسير بسمارك بالأمور إلى أقصى الحدود، وهكذا يبلغ من الثقة بنفسه ما يقدم معه استقالته عند وقوع العكس جاعلا الأمور بذلك سهلة على الإمبراطور، بيد أن ولهلم يحلم بالألوف الثمانين من الجنود الإضافية التي وعده المستشار بالفوز بها من الريشتاغ، فتناول يد المستشار وردد كلمته الآتية ترديدا روائيا وهي: «لا إذعان!»

ويتقوى بسمارك بهذا النجاح فيصل إلى مجلس الوزراء في الغد حاملا شعورا من الزهو مضاعفا قائلا: «إن الإمبراطور مستعد للنضال، فأستطيع أن أظل بجانبه!» وينظر إليه سامعوه صامتين مشغولي البال، ويعتز بسمارك فيقبض على زمام الأمور بإحكام ويعزم على إبعاد زملائه من الإمبراطور مذكرا إياهم بأمر وزاري قديم قاض بمنع الوزراء من الاتصال المباشر بالملك.

ويأتي هذا التذكير بعد الأوان، فمنذ طويل زمن تضافر كل من الوزراء والندماء ورؤساء الجيش وزعماء المحافظين ضد بسمارك، ومنذ طويل زمن ألقى جميع هؤلاء في روع الإمبراطور كون بسمارك مسئولا عن الخيبة في الانتخابات، ويترك ولهلم كل فكرة كفاح بغتة فيقول في إحدى الولائم متوعدا: «سأسحق كل من يعوق عملي!» وهذا الوعيد هو صورة حرفية عما كان الأمير قد كتبه إلى بسمارك قبل ذلك بزمن طويل، ويرتفع نجم بوتيشر، ويشكوه بسمارك إلى الإمبراطور، فلم يتمالك الإمبراطور أن أنعم عليه في المساء نفسه بوسام النسر الأسود الذي كان قد أنعم على بسمارك بمثله بعد حل معضلة شليسويغ هولشتاين، ولما سمع بسمارك بهذا النبأ ردد قول شيلر في رواية فالنشتاين: «لقد وجدت سبيلك يا أوكتافيو!»

والآن لا يبالي بغير نيل أكثرية جديدة في الريشتاغ، وتبدأ الصخرة القديمة للسلطة الملكية بالارتجاج تحت رجليه، ويبحث حوله عن أساس ثابت جديد، شأن الملاح الذي لا يزال يتشبث بالصخرة التي سيتحطم عليها.

الفصل الرابع

يلوح لبسمارك أن آخر ما يتمسك به من وسيلة هو أن ينال أكثرية في الريشتاغ وأن يطيب خاطر الإمبراطور وأن يقابل غضبه بما لهذا البرلمان الذي ازدري طويلا من سلطان وهمي، فبالأكثرية يستطيع أن يعطي الإمبراطور ثمانين ألف جندي، وهو على صواب في اعتقاده أن أحدا غيره لا يستطيع أن يصنع ذلك، أفلم يرد «أبناء العم» المعارضون أن يسلموه إلى الوسط مخادعين؟ أفلم تحك المكايد حوله قبل الانتخابات بأشهر مع فيندهورست إسقاطا له؟ وماذا عليك لو تلافى ذلك؟ وليبرز العدو والمؤتمن من الجحيم! ويمكن اليهود واليسوعيين أن يتفقوا، ويحدث بليشرودر، ويوعز إلى فيندهورست بأن يعطي إشارات التفاهم، وتبدو المفاجأة، ثم يعقد اجتماع ويناقش في الأمور كما في غابر الأيام.

Неизвестная страница