باسي في الثاني من شهر يونيو سنة 1779
إنني مستريح البال من ناحية تلك المساعي التي يقوم بها «ل» و«ر» للإضرار بي في العدوة الأخرى من المحيط، ومطمئن إلى عدالة المؤتمر - الكنجرس - وأنه لن يصغى إلى تهمة توجه إلي دون أن أعلم بها قبل ذلك ويتسع لي الوقت للإجابة عنها، وإنني لأعلم أن ذينك السيدين ينطويان لي على أسوأ النيات، وإن لم أسئ إلى أحد منهما أو أمسه بما يسوغ له أن يشعر بالمساءة، غير أن السمعة الكبيرة التي تحيط بي والمحبة التي ألقاها من القوم هنا، والتوقير الذي يقابلونني به، بل التحيات التي يخصونني بها تحزن ذينك السيدين التعسين؛ التعسين حقا بما اشتملت عليه طواياهما من الظلام، والحقد، والغيرة، والشبهة، والحسد، والضغينة. وإن النفس الطيبة ليكفيها ما تجده من الحزن لمصائب الآخرين. أما الذين يزعجهم كل حظ طيب يتملاه غيرهم، فلن يسعدوا قط، ولن يستريح لهم بال، وليس بي من حاجة إلى الانتقام من أمثال هؤلاء الأعداء غير أن أتركهم حيث أوقعتهم طبائعهم الناقمة مجتهدا أن أحافظ على الخصال التي تجعلني أهلا للرعاية والتقدير، وكلما دامت لي السمعة التي يحيطني بها الناس، أدمتهم في تلك اللعنة التي يتمرغون بها، ولا يخطر لي أن أغير من خصالي كي أخفف عنهم بعض ما يعانون.
ويدهشني أن أسمع أن وجود حفيدي تمبل فرنكلين معي يستوجب النقمة مني والسعي في إقصائه عني، وأحسب بحق أنني أحسنت بحمايتي هذا الفتى أن يصبح من زمرة المحافظين الإنجليز وإبقائه إلى جانبي في زمرة خدام الجمهورية الأحرار، وأرى من مبادئه الحرة واستقامة خلقه، ودأبه على العمل، وفطنته المبكرة، وكفايته النادرة أنه وشيك أن يكون عظيم النفع لوطنه، وكفى أنني فقدت ولدي، فهل يريدون فوق ذلك أن أفقد حفيدي؟ إنني شيخ في السبعين عمدت إلى رحلة شتوية بإذن الكنجرس، وليس معي من يتولى العناية بي سواه، ولا أزال هنا في بلد أجنبي يكلؤني برعايته البنوية إذا مرضت، ويغمض عيني ويحرس ما عندي من بقية تراث إذا حم الأجل.
إن أدبه في معاملتي ونشاطه ودأبه في عمله يرضيني ويفيدني، وسلوكه في عمل الأمانة على السر - السكرتيرية - لا غبار عليه، وإنني لواثق أن الكنجرس لا يفكر في الفصل بينه وبيني.
وإنني كذلك لعظيم الغبطة بولدنا «بن»
9
وأراه خليقا أن يصبح رجلا ذا شأن. وقد انتفع من المدرسة الداخلية التي هو فيها جهد ما ينتفع بالتعليم في تلك المدرسة، وقد فكرت في المدرسة التي تفضلها بعد هذه الخطوة، فاستقر عزمي على إدخاله مدرسة أعلى منها بمدينة جنيف، والفرصة حسنة؛ لأنني أعرف سيدا من أهل المدينة له ولد في مثل سنه يتعلم في تلك المدرسة بعينها، وقد وعدني أن يتكفل برعايته وتبادلت معه في هذا الصدد رسائل أبعث بها إليكم مع هذا الخطاب، وقد سافر «بن» فرحا، وفهمت أنه سعيد جدا بهذه النقلة إلى المدرسة الجديدة. ولقد أوحشني غيابه عني أيام الآحاد، وفي نيتي إذا عشت أن أذهب إلى سويسرا في الربيع القادم؛ لأراه وأرى في الوقت نفسه تلك الولايات الثلاث عشرة العجوز في البلاد السويسرية.
والحمد لله أنني ماض على صحة ورضا، وإنني أكبر وأشيخ، ولكنني فيما أظن لم يصبني تغيير كبير في السنوات العشر الأخيرة، ويعاودني النقرس من حين إلى حين، ولكنهم يقولون: إنه إلى العلاج أقرب منه إلى انحراف المزاج، والله يبارككم ويتولاكم.
جواب على تحذير
وحذره هارتلي من أعدائه وأوصاه باتقاء الخطر على حياته، فكتب إليه فرنكلين كما جاء في خطاب نشره حفيده يقول فيه:
Неизвестная страница