Детальный план уроков по историческим факторам в строительстве арабской нации, какова она есть сегодня
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
Жанры
وثاني هذه العوامل تأليف القوات المحاربة من أبناء الأهلين، وانتهاء استقدام المماليك من أسواق الرقيق وجماعات المرتزقة من أبناء المناطق الجبلية. وهذا العامل أعده من أهم العوامل في بناء الوعي القومي العربي، وواضح أنه ما دامت أمور الحرب والحكم متروكة للغرباء من مماليك ومرتزقة هان أمر الشعب على حكامه وعلى أنفس أبنائه، ولا غرو فالجيش الوطني أصدق مظهر للوعي القومي.
ويرجع انتهاء استقدام المماليك لسببين: أحدهما داخلي والآخر خارجي؛ فأما الداخلي فكان عدول السلطنة وعدول حكومات الولايات الممتازة عن استقدام المماليك لأسباب: أولها ثبوات عجزهم عن مجاراة النظم العسكرية الحديثة التي أدت إلى تفوق الجيوش الأوروبية على جيوش السلطنة ومماليك مصر، ثانيها ثبوت كونهم مصدر شغب واضطراب ونهب وسلب، ثالثها أن الحكومات لا تستطيع أن تكون قوات كبيرة العدد من المماليك أو المرتزقة لما يتطلبه هذا من نفقات جسيمة. وأخيرا أن الحكومات بعد عهد الإصلاح والتجديد اتخذت المواطنة أساسا لنظمها عموما ولقواتها العسكرية خصوصا.
هذا عن الأسباب الداخلية. أما الأسباب الخارجية فمن الواضح أن محاربة الرق في شتى أشكاله قد أخذت تبرز ابتداء من أواخر القرن الثامن عشر، وتقوى الحركة إلى أن بطلت النخاسة تقريبا إلا في مناطق محدودة.
وببطلان استقدام المماليك والأرقاء وتكوين القوات المحاربة على أساس وطني، وتكوين الفنيين عن طريق التعليم الحديث توطدت الأسرات واتصلت الأنساب والأجيال ووضحت مدلولات الأمة والقومية، وتميز الوطني المستقر عن الغريب الطارئ، ولا يلبث هذا الغريب إلا أن تتمثله كتلة المواطنين.
وثالث هذه العوامل أنه ابتداء من مستهل القرن التاسع عشر أخذت حركات العشائر والقبائل تقل شيئا فشيئا إلى أن تصبح الحركات الموسمية المحدودة التي تقتضيها حاجات البداوة.
وتتضح أهمية هذا العامل إذا عرفنا أن شرط نمو الوعي القومي الاستقرار، وأنه لا استقرار إذا أطاحت الهجرات وحركات العشائر والقبائل بالسكان، وخصوصا بأهل الزراعة منهم. وقد تعرضت البلاد العربية عموما والعراق وسورية خصوصا في الأزمنة الحديثة لهجرات واسعة النطاق، يذكرون منها حركات شمر وعنزة نحو بادية الشام والعراق في القرنين السابع عشر والثامن عشر، إلا أنه في القرن التاسع عشر أخذت تلك الحركات تقل شيئا فشيئا إلى أن صارت كما قلنا الحركات الموسمية من مرعى إلى مرعى التي تقتضيها حاجات البداوة، وحتى البداوة الصرفة لا شأن لها يعتد به في الحياة العربية المعاصرة. والعشائر أخذت سبيل الاستقرار منتصف القرن التاسع عشر.
وقد نشر باحث بريطاني في مجلة الشئون الدولية التي تصدر في لندن (عدد يناير 1955، واسم الكاتب نورمان لويس) بحثا يوضح أهمية ذلك الاستقرار في سورية. وقد أثبت هذا الباحث أن نطاق الأرض المزروعة في الأقطار السورية اتسع بما يساوي المثل خلال القرن التاسع عشر وما انصرم من القرن العشرين .
ورابع هذه العوامل ما أفاده كل شعب من الشعوب العربية من توثق الصلات بين مختلف طوائفه بسبب اتجاه أنظمة الحكم والإدارة والتعليم نحو التوحيد على أساس المواطنة وبسبب تقدم وسائل المواصلات بين مختلف أجزاء القطر الواحد من الأقطار العربية. وأثر هذا العامل واضح في تكوين الوعي القومي.
وخامس هذه العوامل كان رد فعل لتغلغل النفوذ الأوروبي في مختلف الأقطار العربية، واستئثار الأوروبيين بشتى المنافع واعتبارهم أنفسهم أصحاب حق دون أبناء البلاد. ونضيف إلى هذا رد فعل آخر نتج عن أن الطبقات الحاكمة كانت بصفة عمومية غير عربية، هذا إلى سياسة التتريك التي انبعثت في الولايات الخاصة للسلطنة مباشرة.
فلا عجب أن تأثر الوعي القومي بهذا واصطبغ بصبغة عربية.
Неизвестная страница