Без Границ
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Жанры
إذن يبدو أن طهو الطعام جزء أساسي من النظام الغذائي لكل إنسان، بل يبدو أن اختراع الطهو كان شرطا أساسيا لنوعنا كي ينجح في تحقيق التطور الخاص بالزيادة الكبيرة في حجم الدماغ، وهو ما جعلنا بشرا، وأصبح يميزنا تماما عن أي نوع آخر من الحيوانات.
الدماغ البشري المكلف
تتلخص أسباب ضرورة أن يكون النظام الغذائي من الطعام المطهو لدعم احتياجات دماغ الإنسان الحديث من الطاقة في «فرضية النسيج المكلف»، التي طرحها عام 1995م ليزلي آييلو وبيتر ويلر ،
14
اختصاصيا علم الإنسان، اللذان بدآ دراستهما التي صارت حاليا من الكلاسيكيات بالحقيقة المؤكدة أن الدماغ نسيج «مكلف» من ناحية حجمه واحتياجاته من الطاقة.
لاحظ آييلو وويلر أن حجم الدماغ البشري يزيد على أربعة أضعاف دماغ الثدييات العادية، بالنسبة إلى وزن جسمه؛ إذ يزن الدماغ البشري ثلاثة أرطال؛ نحو اثنين في المائة من متوسط الوزن الإجمالي للجسم البالغ، إلا أن الدماغ البشري حين ينشط من الممكن أن يستهلك 20 في المائة من الطاقة المتاحة للجسم؛ نحو عشرة أضعاف الطاقة، رطلا برطل، التي يستهلكها الجسم البشري كله، رغم وزنه الضئيل نسبيا.
علاوة على ذلك، ليس الدماغ «النسيج المكلف» الوحيد في الجسم؛ فمن الأنسجة الأخرى التي لها متطلبات مرتفعة مماثلة من الطاقة، القلب والكبد والكليتان والجهاز الهضمي. ويشكل الدماغ وهذه الأعضاء الحيوية معا أقل من سبعة بالمائة من وزن الجسم، إلا أنها حين يكون الجسد في حالة سكون تستهلك نسبة مدهشة من طاقته المتاحة تتراوح بين 60 إلى 70 في المائة. السؤال المحوري الذي حاول آييلو وويلر الإجابة عنه هو: كيف يستطيع جسم الإنسان توفير تلك الكميات الكبيرة من الطاقة لدماغه الضخم دون أن يطغى ذلك على احتياجات أجزاء الجسم الأخرى من الطاقة؟
تقليل حجم العضلات التي تشكل الكثير من الأنسجة الأقل «كلفة» في الجسم سيكون غير عملي مطلقا، ليس فقط لأن هذه الأنسجة لا تستهلك عادة سوى نحو ثلث الطاقة المتاحة للجسم، لكن أيضا لأنه من أجل التعويض عن الاحتياج المتزايد لدى الدماغ البشري الكبير إلى الطاقة، سيتطلب الأمر التخلص من 70 في المائة من عضلات الجسم. هذا من شأنه أن يجعل من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، على البشر أن يحصلوا في بيئاتهم الطبيعية على الغذاء الذي يحتاجونه لتوفير هذه الطاقة في المقام الأول.
وتقليل حجم القلب أو نشاطه بأي درجة كبيرة سيقلل من تدفق الدم لمستويات تمثل خطورة كبيرة على الدماغ، الذي يحتاج لإمداد ثابت ووافر من الدم. وحين يحدث هبوط في الدورة الدموية بدرجة كبيرة يتوقف الدماغ عن العمل بكفاءة؛ مما يؤدي لفقدان الوعي في النهاية.
تقليل حجم الكليتين أو نشاطهما يحدث ضررا بالغا بإحدى وظائفهما شديدة الأهمية. تستهلك الكليتان أغلب طاقتهما حين تركزان البول بإزالة محتواه المائي المهم وإعادة هذا المحتوى المائي لمجرى الدم. أي انخفاض في هذه الوظيفة قد يؤدي إلى مستوى خطير من الجفاف، خاصة أثناء النشاط الشاق الذي يشتمل عليه الصيد وجمع الثمار في الطقس الحار.
Неизвестная страница