Без Границ
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Жанры
على مدار السنين ظلت تقديرات علماء الحفريات بشأن التوقيت الذي بدأ فيه أسلافنا أشباه البشر في استخدام النار والسيطرة عليها متفاوتة؛ فقد ذهب البعض إلى أن السيطرة على النار واستخدامها كجانب دائم من حياة البشر لم يبدآ قبل 130 ألف عام، في حين افترض آخرون أن أوائل أشباه البشر بدءوا استخدام النار منذ سبعة ملايين سنة.
2
وفي هذا فارق قدره خمسون ضعفا في العمر المقدر لاستخدام النار، وهو فارق مذهل.
لكن في السنوات الأخيرة تراكمت الأدلة التي تشير إلى أن الإنسان المنتصب القامة استخدم النار منذ مليون عام ونصف على الأقل، وقد عثر حديثا على آثار لإشعال النار مرافقة لبقايا إنسان منتصب القامة في موقعي كوبي فورا وتشيزووانجا في شرق أفريقيا، وفي كهف واندرويرك في جنوب أفريقيا. هكذا يبدو الآن مؤكدا أن تقنية النار قد بدأت في وقت ما بين مليوني سنة و1,75 مليون سنة مضت، حين وجد جنس الأوسترالوبيثيكوس وأشباه البشر الأوائل الآخرون، الذين ظلوا يعيشون في أفريقيا طوال ثلاثة ملايين عام على الأقل، أنفسهم في منافسة مع أشباه بشر أكثر تقدما؛ البشر الناشئين، البشر المنتصبي القامة.
أشباه البشر الأوائل والبشر الناشئون
ربما تتذكرون أن لوسي، من جنس الأوسترالوبيثيكوس، وكذلك أشباه البشر الأوائل الذين ظهروا لأول مرة منذ أكثر من أربعة ملايين عام، كانوا صغار الحجم مقارنة بنا؛ فقد كان طولهم يتراوح بين ثلاث أقدام ونصف وأربع أقدام، ووزنهم يتراوح بين خمسة وسبعين وخمسة وتسعين رطلا. ورغم أنهم كانوا يسيرون ويركضون منتصبي القامة تماما على ساقين، فقد كانت أجسامهم من عدة نواح مماثلة لقردة ما قبل التاريخ التي انحدروا منها؛ فكانت أذرعهم طويلة، وعظام أصابعهم مقوسة، وأصابع أقدامهم طويلة، وجذوعهم على شكل كمثرى، وأكتفاهم ضيقة، وخصورهم ممتلئة، وأردافهم عريضة ومتباعدة، وهذا يدل في مجمله على أنهم ظلوا يقضون جزءا كبيرا من حياتهم على الأشجار.
مناطق السافانا في أفريقيا ما قبل التاريخ التي ازدهر فيها أشباه البشر القدامى هؤلاء كان يسكنها عدد من الضواري الكبيرة والخطيرة - من بينها النمور والفهود والأسود والضباع - التي كانت تستطيع بسهولة افتراس العزل من الكائنات التي تمشي على ساقين، إلا أنه - كما جادلت في الفصل السابق - لا بد أن أشباه البشر الأوائل كانوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم وأبنائهم ضد مثل تلك الضواري أثناء النهار، متسلحين بالرماح وغيرها من الأسلحة المصنوعة، وهو ما يثبته بما لا يدع مجالا للشك تاريخهم الطويل في البقاء على قيد الحياة.
لكن حتى مع تسلحهم بأسلحة فتاكة، كان أشباه البشر الأوائل هؤلاء يصبحون معرضين بشدة للخطر أثناء الليل، حين تكون القطط الكبيرة بقدرتها الفائقة على الإبصار ليلا وحاسة الشم الحادة قادرة على الدنو منهم في الظلام والهجوم عليهم قبل أن يتبينوها. في الواقع أعطى العديد من الكهوف الأفريقية - التي تعود لفترة تتراوح بين أربعة ملايين ومليوني سنة مضت، والتي أجريت فيها عمليات تنقيب - دلائل واضحة على أن الأسود والنمور التي كانت تعيش في هذه الكهوف كانت تقتل أشباه البشر الأوائل وتلتهمهم بصفة منتظمة.
وحيث إن أشباه البشر الأوائل صنعوا الأدوات والأسلحة وقتلوا الحيوانات وأكلوا اللحم وتكيفوا بوضوح على السير والعدو على أرض منبسطة، فالتفسير الأرجح لبقاء سماتهم المتعددة الشبيهة بالقرود هو أنهم كانوا بحاجة للجوء للأمان على الأشجار في الليل كأفضل وسيلة دفاع ضد الضواري الكبيرة والخطيرة التي كانت تسكن أفريقيا ما قبل التاريخ.
3
Неизвестная страница