Без Границ
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Жанры
فقد نشأ لدى ذكور أشباه البشر نمط من السلوك الجنسي يبدو أيضا فريدا بين الرئيسيات التي تعيش في مجموعات؛ فيرتبط الذكر البالغ العادي من أشباه البشر بقرينة واحدة لديها استعداد للنشاط الجنسي أغلب الوقت، وهو النسق الجنسي الذي نسميه العلاقة الأحادية. ولاستيعاب الزيادة الكبرى في السلوك الجنسي للأنثى، ازدادت لدى ذكر أشباه البشر النموذجي مدة الجماع زيادة هائلة؛ فعلى عكس القردة والسعادين التي تجامع لبضع ثوان فقط في المرة الواحدة، أغلب الذكور من البشر يجامعون لعدة دقائق قبل أن تنتابهم نشوة الجماع. في الواقع، تطول العلاقة الجنسية النموذجية بين البشر عنها بين الرئيسيات الأخرى بنحو خمسين مرة.
أخيرا، رغم أن النمط المعهود بين السعادين والقردة أن يتمتع أكثر الذكور سطوة باحتكار للعلاقات الجنسية مع الإناث، يتمتع الذكور المسيطرون من البشر بحظوة جنسية، لكنها بالكاد تعد احتكارا، حيث إن الإناث الناشطات جنسيا لسن نادرات في المجموعات البشرية كما بين السعادين والقردة، فحتى حين لا يكون الذكور أكثر أفراد جماعتهم هيمنة، يظل لديهم شركاء جنسيون منتظمون، ويستمتعون بحياة جنسية نشطة.
روابط الجنس والأمومة: أسس الأسرة البشرية
حين تركت إناث أشباه البشر الدورة الشبقية لتكوين علاقات جنسية دائمة مع أفراد من الذكور، أضيف رابط جنسي قوي جديد إلى رابط الرئيسيات القديم بين الأم والابن. ولأول مرة بدأ أحد أنواع الرئيسيات التي تعيش في مجموعات ممارسة العلاقات الأحادية، وصارت الأسر المصغرة بنى واضحة المعالم داخل البناء الاجتماعي الأكبر للجماعة.
17
ولما كانت الأنثى في فصيلة أشباه البشر هي لب روابط الأمومة والجنس، فقد صارت المرساة العاطفية للمؤسسة الاجتماعية التي لم يسبق لها وجود قط بين الرئيسيات التي تعيش في مجموعات: الأسرة المصغرة الدائمة من أم وأب وابن. في هذه الحالة الفريدة من التكيف تعيش الأنثى في جو من الألفة مع ذكر واحد ونسلهما لسنوات، مرتبطين في لبنة بناء أساسية للمجتمع مع البقاء في اندماج تام داخل المجتمع الأكبر للجماعة الرحالة.
كذلك خلق نمط العلاقات الأحادية لدى أشباه البشر دورا جديدا في مجتمع الرئيسيات: دور الأب، المرتبط بأنثى واحدة وذريتها. على هذا النحو صارت الأسرة البشرية طريقة فعالة لتوزيع موارد وتوجيه طاقات هذا النوع الذي يعيش على الصيد وجمع الثمار. وحيث إن المباشرة الجنسية لم تعد من الموارد النادرة، فقد حد هذا النظام من النزاع والمنافسة بين الذكور، متيحا لهم تكوين تحالفات مستقرة ومتعاونة مع الذكور الآخرين؛ مما زاد من بأسهم وفعاليتهم صيادين كانوا أو محاربين.
في مرحلة ما في تاريخ التطور البشري وقع تغيير آخر غريب جدا وفريد تماما في التشريح والبيولوجيا العصبية للجنس؛ فقد صار ثدي الأنثى مرتبطا بالمشاعر والسلوك الجنسي ارتباطا لا يبدو أنه موجود بين أنواع الثدييات الأخرى؛ فحلمات الأنثى من البشر متصلة عصبيا كمناطق إثارة للشهوة الجنسية، وقد ذكرت النساء حول العالم أن حتى رضاعة الطفل من الثدي من الممكن أن يثير بسهولة مشاعر شهوة جنسية.
بالإضافة إلى هذا يعد لمس الثديين ومداعبتهما وتقبيلهما عنصرا مهما في المداعبة التي تسبق الجماع لدى البشر. ورغم أننا قد نرى هذه الحقائق بديهية، فمن المهم أن نذكر أن الغدد اللبنية، ووظيفتها الرئيسية هي تغذية الطفل الوليد، لا تلعب مثل هذا الدور في السلوك الجنسي للأسود أو النمور أو الكلاب أو الأغنام أو الماعز أو الماشية، أو بالأحرى في السلوك الجنسي لأي رئيسيات أخرى.
من الملاحظ أن الثديين في كل الثدييات الأخرى لا يرتفعان ويتضخمان إلا في المراحل المتقدمة من الحمل؛ مما يعكس وظيفتهما الأساسية في توفير اللبن للطفل الوليد، لكن في البشر ينتفخ الثديان ويتضخمان عند البلوغ، عادة قبل أن تصير الأنثى من البشر قادرة على الحمل في طفل. وليست مصادفة أن يتزامن تضخم الثديين بالتحديد مع مرحلة من دورة حياة الأنثى حين تقترب من النضج الجنسي. لا يلعب ثديا الأنثى هذا الدور المزدوج بصفته مصدرا لتغذية الأبناء ومصدرا للجذب الجنسي للجنس الآخر إلا في نوعنا فقط. ما الغرض من هذا الدور المزدوج الغريب، ولماذا لم ينشأ إلا في البشر؟ للأسف أشهر نظريتين تقدمان شرحا لهذه الظاهرة الغريبة تعتريهما نقاط ضعف شديدة.
Неизвестная страница