Начало эпохи Птолемеев
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
Жанры
وفي الوقت الذي كانت تمص فيه حرية الفكر نخاع الدين وتحز في أصوله، وقد راج القول بأن الآلهة الأقدمين ليسوا إلا رجالا عاشوا في عصر فارط، فألههم الخيال، ورفعهم الوهم إلى مرتبة الأرباب، كان من الهين أن تنقلب الآية، وتخرج من حيز الفكر إلى حيز العمل، وأن تستخدم صور العبادات الدينية أداة تمليق وإطراء لمشهوري رجال العصر. ووقف المحافظون من رجال الدين إزاء هذا الأمر موقف المعارضة على أنه كفر وزيغ، غير أنهم لم يفلحوا في شيء، فشاعت العادة في العالم الإغريقي قبل عصر الإسكندر.
ولقد أله الإسكندر، وربما كان تأليهه برغبة أبداها. وبعد أن مات الإسكندر وأصبح قواد جيشه محور القوة العالمية، ورغبت المدن الإغريقية في أن تصيب شيئا من عطفهم وحمايتهم، أو التقرب من أولئك الذين هزت تلك المدن نحوهم هزة الشعور بوجوب الاعتراف بالفضل، أو التعبير عن الشكران تلقاء فائدة جنيت، أو حاجة قضيت، سارع أهلها إلى إضفاء الألوهية عليهم، ورفعوا إليهن القرابين، وحرقوا البخور، وأسسوا الكهنوتيات. وكانت الخطوة الثانية أن تؤسس القصور الملكية الهلينة الجديدة، عبادات رسمية يعبد فيها أعضاءالأسر المالكة أمواتا كانوا أم أحياء؛ ليعبر الرعايا بذلك في أطراف كل مملكة منها عن خضوعهم، ويبينوا عن ولائهم.
وكان الإسكندر عند الإغريق المقيمين بمصر إلها منذ بداءة أعماله، وسرعان ما أصبح ملوك بيت بطلميوس وملكاته آلهة وآلهات. غير أننا لا نرتاب في أن المستنيرين من الأغارقة، كانوا ينظرون إلى العبادات الرسمية نظرة المعتقدين بأنها صورة رمزية لا أكثر ولا أقل. ولقد أضحى من الهين في تلك الأزمان أن يصبح أي إنسان إلها، ولكن من غير أن يكون لألوهيته كبير قيمة.
وكانت عبادة الموتى من الرجال أكثر ملاءمة لتقاليد الإغريق الدينية الموروثة عن أسلافهم من البدعة الجديدة؛ فإن روح الميت تكون على أية حال قد عبرت من هذا العالم إلى عالم خفي. وكان الأغارقة يعتقدون منذ أزمان أولى أن روح الإنسان ذي الشخاصة البينة، تحدث في الأحياء أحداث خير، أو أحداث شر، على غرار ما يفعل الأرباب. وقد نشئت عبادات تختلف بعض الاختلاف عن العبادات التي يتوجه بها إلى الآلهة، ووجهت إلى أرواح رجال عظام عبدوا تحت عنوان الأبطال
heroes
وكثر ما نقع على مدن إغريقية أقامت عبادات ذات شعائر وفرائض خاصة، توجهت بها إلى مؤسسيها باعتبارهم أبطالا. فكان مما يتفق وتقاليد الأغارقة وعاداتهم أن تعبد الإسكندرية الملك الإسكندر.
25
ولا ريب في أن الخطوة من عبادة إنسان ميت على أنه بطل إلى عبادته على أنه إله، خطوة قريبة. ولم يقتصر الأمر في تلك الأيام على أن يعبد الإغريق الإسكندر، بل تعدى إلى بطلميوس، فعبد حيا.
وينبغي لنا أن نفرق بين أربع صور من العبادات اتخذ فيها ملوك بيت بطلميوس وملكاته آلهة وإلهات، وإليك هي: (1)
عبادتهم في الهيكل المصري، وعلى الشعائر المصرية التقليدية التي عبد بها الفراعين المصريون. وكان الكهنة المصريون يقومون بطقوس هذه العبادة للإسكندر، ولا شك في أنها وجهت إلى بطلميوس منذ صار ملكا على مصر من بعده. ولم يكن للأغارقة من صلة بهذه العبادة المصرية، فكان كل ما يحدث في داخل المعابد المصرية، وكل ما يكتب في الهيروغليفية من العبارات المقدسة خارج عن عرفهم، ولو أن القصر البطلمي، لا بد من أن يكون قد اتخذ من الوسائط كل ما يحقق لديه بإشراف عيون من الأغارقة أن الكهنة المصريين يدأبون على تلاوة العبارات الدالة على الخضوع والولاء. (2)
Неизвестная страница