Начало эпохи Птолемеев
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
Жанры
وكان انتصار الملوك الثلاثة سببا في حدوث خلاف في ميدان السياسة موضوعه سورية الخالية، وهو خلف استمر قائما طوال عصر البطالمة. فإن الظاهر أن المعاهدة التي عقدت بين الحلفاء الأربعة قبل المعركة الأخيرة ضد أنطيغونس، قد نصت على أن تكون سورية الخالية من نصيب بطلميوس، إذا تم لهم النصر. وكان من الطبيعي أن يستمسك الملوك الثلاثة الذين حملوا أعباء موقعة «إبسس» بالفعل بنظرية أن ملك مصر، بنكوصه عن الظهور في ميدان الحرب، وتحمل جانب منها، وانسحابه من سورية الخالية فجأة وبلا سبب، اللهم إلا ذيوع إشاعة كاذبة، لم يجعل له من حق في الاستمساك بما تحالف وإياهم عليه. وأعاد الملوك المنتصرون النظر في الأمر، واتفقوا على توزيع جديد وضعوا شرائطه بعد انتصار «إبسس»، أصبحت سورية الخالية بمقتضاه جزءا من إمبراطورية «سلوقوس» الآسيوية. ورفض بطلميوس الاعتراف بهذا الاتفاق، كما رفض «سلوقوس» اعتبار الحلف الأصلي قائما، فكان ذلك سببا في قيام خصام سياسي، قدر له أن يظل قائما بين بيت «بطلميوس» وبيت «سلوقوس» أجيالا عديدة. ولما كانت فلسطين (أي سورية) قد ظلت طوال العصر الفرعوني القديم، موضوع نزاع وخلاف بين كل دولة تحكم ما بين النهرين، والدولة التي تحكم على ضفاف النيل، فإنها استمرت كذلك بعد أن تبدلت الأسرات الملكية الوطنية، بأسرتين مقدونيتين دخيلتين.
بعد معركة «إبسس» احتل بطلميوس سورية الخالية للمرة الرابعة. ولما حاول «سلوقوس» أن ينفذ الاتفاق الذي عقده مع حليفيه، ووفد بجيشه ليحتل سورية الخالية، وجد أن «بطلميوس» قد سارع فاحتلها قبله، وأن مدنها تعج بجيوشه، وكانت شكوى «بطلميوس» أن «سلوقوس» قد انتهك حرمة الصداقة، بأن عقد عهدا يكسبه حق امتلاك أرض، هي من نصيبه وتحت حكمه. وبالرغم من أنه أخذ في الحرب ضد «أنطيغونس» بضلع، فإن الأحلاف الثلاثة لم يخصوه بأي جزء من أرض الإمبراطورية المغزوة، فكان جواب «سلوقوس» أنه من المعقول أن يكون الذين كسبوا المعركة هم أصحاب الحق الثابت في توزيع الأرض باختيارهم، وأنه فيما يتعلق بسورية الخالية، لن يقوم بأي اعتداء؛ مراعاة لصداقتهما، وأنه سوف يفكر فيما بعد في أمثل طريقة يعامل بها أصدقاءه الذين يحاولون أن يأخذوا منه أكثر مما هو حق لهم.
في السنوات التي تلت الانتصار في معركة «إبسس»، وهي سنون ساد فيها سلام نسبي، مضى الشيوخ الثلاثة الذين بقوا من رجال الإسكندر؛ وهم: بطلميوس وسلوقوس ولوسمياخوس، ومن حولهم من صغار الملوك، ناشئة الجيل الثاني؛ وهم: قصندر في مقدونيا، وفورغوس (102) في أفيروس (103) ودمطريوس، وكان ما يزال ذا قوة، يحيكون من حول بعضهم البعض، شبكة من الدسائس السياسية، يتعذر علينا الآن تتبع أطوارها. وإن كنا نعرف أن الفتور بين حزب وآخر، كما كانت الصداقات والعداوات، محلا للتغيير والتبديل على مقتضى الظروف في كل آونة، وكان حدوث فتور في العلاقات ينذر دائما بحدوث حرب، كالحال بعد أن حصل «دمطريوس» على تاج مقدونيا سنة 924ق.م بعد موت قصندر، أو عندما هاجم دمطريوس مملكة لوسيماخوس سنة 287ق.م أو في أثناء المعارك الكبيرة التي قامت بين سلقوس ولوسيماخوس، تلك المعارك التي لم تنته إلا بعد موت بطلميوس. على أن بطلميوس لم يشترك بعد معركة «إبسس» في أية حرب ضد أي ملك من الملوك المتاخمين لملكه، واقتصر على أن يجعل السياسة ميدانه، فكان يناصر ذلك حينا، ثم يناصر ذاك حينا آخر، بحسب ما يرى من اتجاه دورة الحظ في رقعة الدنيا.
وقد نقف على أشياء نستدل منها على صورة من ذلك اللعب السياسي، تظهر بين حين وآخر في التزاوج بين الأسر، فقد رأينا أن العلاقات بين بطلميوس وسلوقوس قد كدرت وشيكا بعد معركة «إبسس»، بقيام مشلكة سورية الخالية. ثم نرى تقربا بين سلوقوس ودمطريوس، وبين بطلميوس ولوسيماخوس، فيتزوج سلوقوس من «إسطراطونيقية» (104) ابنة دمطريوس، كما يتزوج لوسيماخوس (بين عامي 300 و298) من «أرسنوية» (105) ابنة بطلميوس. ثم يتزوج الإسكندر بن قصندر، من ابنة أخرى من بنات بطلميوس تدعى «لوسندرا» (106)، ويتزوج دمطريوس من ثالثة من بناته اسمها «إفطولمايس» (وقد خطبت سنة 300 وزفت سنة 286)، وتتزوج «أنطيغونية» (107) ابنة «برنيقية»، من زوج لها قبل بطلميوس، من الملك فرغوس (108) سنة (298-295)، وتتزوج ابنة ثانية من بنات «برنيقية» واسمها «ثيوكسنا» (109)، من «أغاثوكلس» (110) حاكم سيراقوز (حوالي سنة 300ق.م). وفي النهاية يتزوج «أغاثوكلس» بن لوسيماخوس، وهو غير من ذكرنا، إحدى بنات بطلميوس.
21
لما حاصر ديمطريوس أثينا (296-294) لم يمد بطلميوس أصدقاءه الآثينيين بمساعدة تذكر، فإن أسطوله ظل يجوب البحر خارج «أيغينا» (111)، ولم يفعل من شيء يحول دون سقوط المدينة. وفي سنة 287 ثارت أثينا في وجه دمطريوس، فأرسل بطلميوس خمسين طالنطن (112)، وكمية من العملة، ولكن أسطوله لم يقم بشيء يصد «دمطريوس» عن أغراضه. •••
إن كل ما تطلع «بطلميوس» إلى إحرازه في خارج مصر، كان قد أحرزه فعلا بعد موقعة «إبسس»؛ فإن «سلوقوس»، كما رأينا من قبل، وجده مالكا سورية الخالية، عندما قدم ليحتل الجزء السوري من مملكة أنطيغونس. والظاهر أن احتلال «بطلميوس» فلسطين لم يكن كاملا؛ فإن المدن الفنيقية الواقعة على شاطئ البحر كانت ما تزال محتلة بجيوش «دمطريوس»، كما أن هنالك إشارة إلى امتلاك «دمطريوس» لمدينة سمرية (113) في سنة 296-295ق.م ولقد خيل لمسيو «بوشيه لكلار» - أو هو ظن عندما كتب الجزء الأول من كتابه سنة 1903 - أن أملاك دمطريوس في فنيقية وفلسطين قد انتقلت إلى سلوقوس لا إلى بطلميوس، وهذا الظن يشعر بأن بيت بطلميوس لم يتيسر له أن يمتلك فلسطين قبل مدة من الزمن لا تقل عن ثمانين عاما؛ أي بعد موت سلوقوس سنة 281. على أن «بوشيه لكلار» إنما يعتمد فيما يذهب إليه على المجادلات التي قامت بين ساسة السلوقيين سنة 219، وكان اعتمادهم فيما أخذوا به من وجهة نظر، على سيادة سلوقوس في تلك الأقاليم. والراجح كما يذهب جلة الباحثين الثقات أن بطلميوس قد ملك فلسطين منذ موقعة إبسس فصاعدا، ما عدا بضعة مواضع ظلت تحت سيادة دمطريوس، وقد احتلها بطلميوس بعد أن أصبح دمطريوس عاجزا عن الدفاع عنها. والراجح أن سيادة بيت سلوقوس في فلسطين، وهي التي أشار إليها سياسيو السلوقيين، كانت سيادة غير فعلية، بل سيادة اسمية، استمسك بها سلوقوس، اعتمادا على الحق السياسي الذي خول له بمقتضى التقسيم الذي تم بين الملوك المنتصرين في موقعة إبسس.
واسترد بطلميوس جزيرة قبرص سنة (295-294)، وكانت قوات دمطريوس قد احتلت هذه الجزيرة وظلت بها ست سنوات بعد موقعة إبسس. ولقد قام الدفاع عن الجزيرة هذه المرة تحت إمرة «فيلا» (114) ابنة «أنطيفاطروس» (115)، وزوجة دمطريوس، فكان دفاعا مجيدا، ولكنها اضطرت إلى التسليم في سلاميس. ولقد رد بطلميوس «فيلا» وأولادها إلى دمطريوس في مقدونيا، مثقلة بالهدايا، محوطة بالتشاريف، جزاء ما أبدى دمطريوس من نبل الأخلاق والشهامة سنة 306ق.م.
حوالي سنة 287، كان للأسطول المصري السيادة في بحر أيغا، واسترد بطلميوس حمايته الفعلية على مجموعة جزر «قوقلادس». ولعهد ما (حوالي 294 و287) كان بينه وبين مدينة ميلطوس (116) صداقة وحسن اتصال، وكانت من أملاك لوسيماخوس، فاستغل بطلميوس نفوذه عند حليفه؛ فتظاهر بالسعي في أن يرفع عن المدينة ما عليها من الضرائب. •••
لا تزودنا الكتب الإغريقية بغير نتف قليلة عن العمل الذي قام به بطلميوس في المعركة التي نشبت بين القوات العالمية، وظلت رحاها تدور أربعين عاما بعد موت الإسكندر. أما إذا تساءلنا عما كان يحدث في داخل حدود مصر نفسها مدى ذلك الزمن، فإن المدونات التاريخية تعجز عن أن تزودنا بمادة نحيك منها رواية كاملة، وكل ما نستطيع أن نصل إليه في هذا الصدد، استنتاجات ننتزعها من الحالات التي نصادفها قائمة، فنستدل منها على ما حدث في البلاد من تبديل.
Неизвестная страница