Начало стремящегося и конец умеренного

Аверроэс d. 595 AH
178

Начало стремящегося и конец умеренного

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Издатель

دار الحديث

Номер издания

بدون طبعة

Место издания

القاهرة

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ﴾ [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ. وَمَفْهُومُ الْخِطَابِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَالْحُكْمُ غَيْرُ هَذَا الْحُكْمِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ إِلَى «أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ تُؤَخَّرُ عَنْ وَقْتِ الْخَوْفِ إِلَى وَقْتِ الْأَمْنِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْخَنْدَقِ»، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِهَا. وَأَمَّا صِفَةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ: (أَعْنِي: الْمَنْقُولَةَ مِنْ فِعْلِهِ) ﷺ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعُ صِفَاتٍ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ «عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَرَوَى مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مَوْقُوفًا كَمِثْلِ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: «أَنَّهُ لَمَّا قَضَى الرَّكْعَةَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَلَّمَ وَلَمْ يَنْتَظِرْهُمْ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنَ الصَّلَاةِ»، وَاخْتَارَ مَالِكٌ هَذِهِ الصِّفَةَ، فَالشَّافِعِيُّ آثَرَ الْمُسْنَدَ عَلَى الْمَوْقُوفِ، وَمَالِكٌ آثَرَ الْمَوْقُوفَ ; لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْأُصُولِ: (أَعْنِي: أَن لَا يَجْلِسُ الْإِمَامُ حَتَّى تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاتِهَا ; لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ لَا مُتَّبِعٌ) وَغَيْرُ مُخْتَلَفٍ عَلَيْهِ. وَالصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَخَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ وَطَائِفَةٌ مُسْتَقْبِلُو الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينِ مَعَهُ رَكْعَةً وسجد سَجْدَتَيْنِ وَانْصَرَفُوا وَلَمْ يُسَلِّمُوا، فَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا مَعَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ هَؤُلَاءِ، فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا وَذَهَبُوا، فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوِّ، وَرَجَعَ أُولَئِكَ إِلَى مَرَاتِبِهِمْ فَصَلَّوْا

1 / 186