Начало стремящегося и конец умеренного
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Редактор
فريد عبد العزيز الجندي
Издатель
دار الحديث
Год публикации
1425 AH
Место издания
القاهرة
وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ» وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ صَلَاتَنَا لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا إِذَا تَكَلَّمَ سَاهِيًا، وَالْآخَرُ إِذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ.
وَشَذَّ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ: مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ أَوْ لِأَمْرٍ كَبِيرٍ، فَإِنَّهُ يَبْنِي، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ التَّكَلُّمَ عَمْدًا عَلَى جِهَةِ الْإِصْلَاحِ لَا يُفْسِدُهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ كَيْفَ كَانَ إِلَّا مَعَ النِّسْيَانِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ كَيْفَ كَانَ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُتَقَدِّمَةَ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْكَلَامِ عَلَى الْعُمُومِ، وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَشْهُورَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» .
ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَكَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، وَأَنَّهُمْ بَنَوْا بَعْدَ التَّكَلُّمِ، وَلَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ التَّكَلُّمُ صَلَاتَهُمْ. .
فَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا الظَّاهِرِ، وَرَأَى أَنَّ هَذَا شَيْءٌ يَخُصُّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ اسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ قَصُرَتْ، وَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ ﵊ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ تَمَّتْ، وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ تَكَلَّمُوا بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «مَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ وَمَا نَسِيتُ» قَالَ: إِنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ إِجَازَةُ الْكَلَامِ لِغَيْرِ الْعَامِدِ.
فَإِذَنْ السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي
1 / 127