114

Начало стремящегося и конец умеренного

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Редактор

فريد عبد العزيز الجندي

Издатель

دار الحديث

Год публикации

1425 AH

Место издания

القاهرة

الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْعَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ تَعَارُضُ الْآثَارِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] هَلِ الْأَمْرُ بِذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ، أَوْ عَلَى النَّدْبِ؟ فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوُجُوبِ قَالَ: الْمُرَادُ بِهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَةً وَتَقُولُ:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ... وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَلَّا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ»
وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى النَّدْبِ قَالَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ مِنَ الرِّدَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَابِسِ الَّتِي هِيَ زِينَةٌ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ «كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ ﵊ عَاقِدِي أُزُرَهُمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كَهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا» قَالُوا: وَلِذَلِكَ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَا بِهِ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّهُ يُصَلِّي، وَاخْتُلِفَ فِي مَنْ عَدِمَ الطَّهَارَةَ هَلْ يُصَلِّي أَمْ لَا؟ .
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ حَدُّ الْعَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ حَدَّ الْعَوْرَةِ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ قَوْمٌ: الْعَوْرَةُ هُمَا السَّوْأَتَانِ فَقَطْ مِنَ الرَّجُلِ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَثَرَانِ مُتَعَارِضَانِ كِلَاهُمَا ثَابِتٌ: أَحَدُهُمَا حَدِيثُ جُرْهُدٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الْفَخِذُ عَوْرَةٌ» . وَالثَّانِي: حَدِيثُ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَسَرَ عَنْ فَخِذِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ» .
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ وَحَدِيثُ جُرْهُدٍ أَحْوَطُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَوْرَةُ الدُّبُرُ، وَالْفَرْجُ، وَالْفَخِذُ.

1 / 122