قالها وهو يومئ إلى الشمس الغاربة، رانيا إلى وجهها الأبيض البدري، وقد افتر ثغرها عن در، فقالت: لن تفتأ تتبعني إلى هنا حتى يرانا أحد!
فقال حسنين بزهو: إني خطيبك، ولي الحق في كل شيء! - لا حق لك على الإطلاق!
فضحك من قلب جذل ضحكة من لا يصدق قولها ، وملأ عينيه العاشقتين من منظرها، كانت ملتفة في معطفها الأحمر، ينحسر جيبه في أعلى الصدر عن فستان رمادي، وتنهدل على ظهره ضفيرتان مكتنزتان. وكان عمق حمرته يضفي على بشرتها البيضاء وعينيها الزرقاوين نقاء وبهاء. «هي ميالة إلى القصر، فلو التصقت بها لمس مفرق شعرها ذقني، ولكنها بضة ريانة، فتبا للمعطف الذي يخفي قسمات هذا الجسم وثناياه، حريصة محافظة، تعجبني بقدر ما تغيظني!» وقال متعجبا: لا حق لي على الإطلاق!
فقالت في هدوء ينم عن القوة: طبعا.
أتعني ما تقول حقا؟! يا لها من جميلة! لقد سما بها هذا السطح عن الدنيا وجعل من آفاق السماء إطارا لصورتها. وما من شيء يشابهها كهذا الإطار في هدوئه وحشمته وتنائيه. تقول نفيسة عنها إنها ثقيلة الدم، وما هي بالخفيفة، ولكن هيهات أن يقلل هذا من قيمتها. إنه يحبها بعقله وجسمه، أو لعل إحساسه غالب عما عداه! أتعني حقا ألا حق له؟! عجبا، لقد حسب أن الخطبة ستملكه حقوقا وحقوقا! قال بدهشة: يخيل إلي في بعض الأحيان أنه لا قلب لك!
فتورد وجهها، وخفضت عينيها في حياء، ثم رفعتهما قائلة في خشونة: ما دليل القلب عندك؟
فقال في حماس: أن تصرحي لي بأنك تحبينني ... وأن ... - وأن ... - وأن نتبادل قبلة ...
فقالت بحدة: إذن حقا لا قلب لي. - يا عجبا ألا تحبينني يا بهية!
فلاذت بالصمت في ارتباك وضيق. - ألا تحبينني؟
فتنهدت قائلة: إذن لماذا تم ما تم؟!
Неизвестная страница